أقر مجلس نواب الشعب التونسي فصلا جديدا ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2026، يمنح امتيازا جبائيا لكل عائلة مقيمة عند توريد أو اقتناء سيارة من السوق المحلية، في خطوة أثارت جدلا واسعا وأصدرت بشأنها وزارة المالية تحذيرات شديدة اللهجة، معتبرة القرار بمثابة “قنبلة موقوتة” قد تخلق “كوارث قانونية ومالية” للبلاد. وقد جاءت مصادقة البرلمان على الفصل 55 رغم الرفض الرسمي والمعلل من وزيرة المالية، مما يعكس تباينا واضحا في الرؤى بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
ويسمح القرار الجديد، الذي لقي دعما من مجموعة من النواب، لكل عائلة تونسية بالاستفادة مرة واحدة في حياتها من إعفاء جمركي وضريبي عند استيراد سيارة جديدة أو مستعملة لا يتجاوز عمرها ثماني سنوات، مع وضع شرط يقضي بعدم بيعها لمدة خمس سنوات.
ويرى المؤيدون لهذا الإجراء أنه يمثل محاولة ضرورية لفك الخناق المالي عن العائلات، خصوصا في ظل الارتفاع الكبير للرسوم المفروضة على السيارات المستوردة، والتي أشار المصدر إلى أنها قد تصل في بعض الأحيان إلى نسبة 400% من قيمة السيارة الأصلية، مما يجعل امتلاك سيارة أمرا صعب المنال لشريحة واسعة من المجتمع.
وفي المقابل، كشفت وزيرة المالية، مشكاة سلامة الخالدي، عن معارضتها الشديدة للمقترح، مؤكدة في تعقيبها على نقاشات مشروع القانون أن التشريع العام لم يمنح المواطن التونسي حق التوريد بشكل مطلق، وأن الفصل المقترح سيكون مكلفا جدا لخزينة الدولة.
وأضافت الوزيرة، بحسب تصريحات نقلتها وكالة الأنباء التونسية أن هذا الإجراء يطرح إشكاليات عميقة على المستوى العملي، متسائلة عن الآلية التي سيتم من خلالها تنظيم عملية التوريد، وكيفية استفادة العائلات من الامتياز، فضلا عن التحديات المتعلقة بإخراج العملة الصعبة وإجراءات الشحن، وما إذا كانت الدولة تملك الإمكانيات اللازمة لتنظيم عملية بهذا الحجم.
وتابعت الوزيرة تحذيراتها بالتشديد على أن البلاد في حاجة ماسة للمحافظة على احتياطاتها من العملة الصعبة لتوجيهها نحو استيراد مواد حيوية لا يمكن الاستغناء عنها كقطاعي الطاقة والحبوب.
كما تساءلت عما إذا كان دافع النواب هو معالجة أزمة النقل العمومي، مشيرة إلى أن الحل المقترح قد يفاقم المشكلة عبر إغراق السوق بسيارات قديمة، وهو ما سيترتب عليه حتما زيادة في الطلب على قطع الغيار المستوردة، مما يشكل ضغطا إضافيا على رصيد العملة الأجنبية. وخلصت إلى أن النص بصيغته الحالية غير قابل للتطبيق ويحتاج إلى إصدار نص ترتيبي منفصل يضبط شروطه، وهو ما لم يتم توفيره.
المصدر: العمق المغربي
