اعتبرت مريم التوزاني، السؤال عن “جرأة” بعض مشاهدها في فيلمها الأخير “زنقة مالقة” مبني على تقييمات ذاتية تختلف من شخص لآخر، لأنه بالنسبة لها، لا يحتوي الفيلم على ما يمكن وصفه بالمشاهد الجريئة، مضيفة أن الفن بطبيعته فضاء للتعبير الحر، وأن وضع قيود دائمة عليه يفقده جوهره.

وقالت التوزاني في تصريح لـ “العمق”، إن الجرأة لا تقاس بالعين الأخلاقية بقدر ما تقاس بسياقها الفني ودورها في بناء المعنى.

وردا على من يتهمونها بالسعي إلى “تحرير جسد المرأة” من خلفيات محافظة، نفت التوزاني ذلك بشكل قاطع، موضحة أن أي لقطة تُفهم على أنها جريئة لها هدف محدد داخل السرد، وليست إضافة مجانية.

واستشهدت التوزاني بأحد المشاهد التي أرادت من خلالها الاحتفاء بجمال الجسد الإنساني في تطوره وتغيره، مشددة على أن السينما تمنح الجمهور حرية الاختيار: من يرغب في المشاهدة فله ذلك، ومن لا يرغب فله الحرية نفسها.

وحول الانتقادات التي تطال رؤيتها الفنية، اعتبرت التوزاني، أنها تخص فقط جزءا من الجمهور، بينما توجد فئة واسعة تتفاعل إيجابيا مع أعمالها، لافتة إلى أن الاختلاف طبيعي، وأن الفن لا يمكن أن يرضي الجميع لأن كل فرد يرى السينما من زاويته، ويحمل معه مرجعياته الخاصة.

وفي ما يتعلق بالتمويل المشترك مع الغرب وتدخلاته المحتملة في السيناريو، شددت التوزاني على أن شركاء الإنتاج لا يفرضون عليها أي خطوط أو توجهات، مؤكدة أنها تكتب انطلاقا من إحساسها الخاص، وتعبر عن رؤيتها دون أي تنازلات، وبالنسبة لها، الالتزام الوحيد الذي تحمله هو تجاه الفيلم وقصته.

وأوضحت التوزاني، أنها ليست من رافعي شعار قضايا الدفاع عن قضايا المرأة في السينما لأنها لا تصنف أعمالها على أساس النوع الاجتماعي، وإنما تكتب قصصا تشعر بأنها بحاجة إلى قولها، وتُعلي من قيمة التجربة الإنسانية في بعدها الوجودي والعاطفي، لا في بعدها الجندري.

وكشفت مريم التوزاني، أن الشرارة الأولى لكتابة “زنقة مالقة” جاءت بعد وفاة والدتها، إذ أن الرحيل ترك أثرا عميقا داخلها، وأيقظ رغبتها في القبض على الذكريات وإحياء ما تبقى من أثر الأم عبر الفن، مشيرة إلى أنها نشأت بين أم وجدة إسبانيتين، وأن اللغة الإسبانية شكلت جزءا من حياتها المبكرة، وهو ما عاد بقوة أثناء الإعداد للفيلم.

ووصفت التوزاني الفيلم باعتباره محاولة لتحويل الحزن إلى طاقة حب رغم صعوبة العمل خلال هذه المرحلة، لافتة إلى أنها كانت محظوظة بفريق فني وتقني فهم حساسيتها ورافقها باحترافية عالية، ولم تُخف امتنانها الكبير لزوجها المخرج نبيل عيوش، مؤكدة أنه كان سندا أساسيا وأن الفيلم لم يكن ليرى النور لولا دعمه المستمر.

وأشارت المخرجة المغربية، إلى أنه عندما استعادت متعلقات والدتها الموجودة في طنجة، عادت معها تفاصيل طفولتها وبداياتها الأولى، وأن هذا الارتباط العاطفي دفعها لتصوير الفيلم في المدينة نفسها، معتبرة أن العودة كانت لحظة ممزوجة بالفقد والحنين، وحاولت من خلال الفيلم أن تجسد هذا الخليط من المشاعر، وأن تكتب من خلال الصورة رسالة حب للحياة رغم الجراح المفتوحة.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.