
مخرجة فيلم الخرطوم راوية الحاج، أشارت إلى تطور الملحوظ في الحضور السوداني بالأفلام في المهرجانات العالمية.
الدوحة: التغيير
شهد مهرجان الدوحة للأفلام حضورًا سودانيًا لافتًا هذا العام، حيث برزت مجموعة من الأفلام التي تعكس تنامي دور السينما السودانية وصعود أصوات المخرجات والمخرجين في توثيق قضايا المجتمع وتقديم سرديات جديدة تلامس الواقع الإنساني.
ومن بين هذه الأعمال، لمع فيلم “ملكة القطن” الفائز بجائزة الجمهور، إلى جانب الفيلم الوثائقي الطويل “الخرطوم” الذي قدّم رحلة صادقة في قلب معاناة المدنيين خلال الحرب وتشارك إخراجه 5 مخرجين بينهم راوية الحاج، و”فيلا 187″ لإيمان ميرغني الذي حاز على جائزة أفضل مخرج، و”سودان يا غالي” للمخرجة هند مؤدب.
“ملكة القطن”
فازت المخرجة السودانية سوزانا ميرغني بجائزة الجمهور عن فيلمها “ملكة القطن” (السودان/ ألمانيا/ فرنسا/ فلسطين/ مصر/ قطر)، ويتناول الفيلم قصة المراهقة نفيسة التي تصبح محور صراع حول بذور معدّلة وراثياً قد تحدد مستقبل قريتها، جامعاً بين النقد البيئي والدراما الاجتماعية والتحولات المرتبطة بالنضوج.
حضور الفيلم في المهرجان شكّل تأكيدًا على قدرة السينما السودانية على تقديم قصص محلية بمعالجة فنية تجذب الجمهور العالمي.
فيلم “الخرطوم”
إلى جانب هذا الفوز، خطف الأنظار أيضًا فيلم “الخرطوم” (السودان/ المملكة المتحدة/ ألمانيا/ قطر)، الذي اجتمع على إخراجه خمسة مخرجين هم: أنس سعيد، راوية الحاج، إبراهيم سنوبي أحمد، تيماء محمد أحمد، وفيليب كوكس.
يوثّق الفيلم صراع البقاء والسعي نحو الحرية، من خلال أحلام خمسة من سكان الخرطوم الذين نزحوا بسبب الحرب، مقدماً صورة إنسانية دقيقة لمعاناة المدنيين وسط واقع يمتلئ بالفقد والتشرد.
وفي حديث خاص لـ(التغيير)، قدّمت المخرجة راوية الحاج، إحدى صانعات الفيلم، روايتها للتحديات التي واجهتها خلال صناعة هذا العمل الممتد زمنيًا وإنسانيًا.
تحديات
راوية الحاج قالت إن أصعب التحديات كانت جمع قصص خمس شخصيات داخل فيلم واحد مع الحفاظ على إيقاع العمل دون إطالة أو ملل.
وأوضحت: “أحد التحديات كان كيفية لملمة قصص الخمس شخصيات في فيلم واحد بحيث لا يكون طويلًا ومملًا”.
وأضافت أن التحديات لم تتوقف عند انتهاء التصوير:
“لم تنته قصة الفيلم بعد نهاية التصوير، بل كنا نفكر في تحدي أنه لو دُعينا للمشاركة في أحد المهرجانات كيف سنسافر؟ وكيف سنحصل على تمويل للسفر؟ وكيف سنجتمع مجددًا؟”.
كما كان مصير الأطفال المشاركين في الفيلم أحد التعقيدات الإنسانية البارزة. تقول راوية:
“العقبات أيضًا أن الشخصيات من الأطفال.. هل يعودون للسودان أم يستمروا؟ وقررت أن يواصلوا تعليمهم، وهم الآن معي وملتحقون بالمدرسة”.
وتؤكد المخرجة أنها شعرت بمسؤولية كبيرة تجاه نقل صوت السودانيين.
تقول: “شعرتُ بمسؤولية أن يكون الفيلم صوتًا للشعب السوداني كله، وتكلموا من قلوبهم ليصل ألمهم للناس”.
وأضافت أن ردود الفعل القوية من الجمهور الأمريكي والعربي والأفريقي كانت دافعًا للاستمرار: “ردود أفعال الفيلم جعلتنا لا نتوقف، بل نواصل”.
كما أتاح الفيلم لهم فرصة لقاء مسؤولين وبرلمانيين في أوروبا وأمريكا للتحدث عن الحرب وطلب الدعم:
“الفيلم في بعض الدول أتاح لنا في أمريكا وأوروبا ملاقاة البرلمانيين والمسؤولين هناك.. ونحكي لهم عن الحرب ونوضح أننا نحتاج العالم لإيقافها”.
مهرجان الدوحة
تصف راوية مشاركتهم في المهرجان بأنها لحظة فخر كبير: “شعوري أنني أشعر بالفخر مع فريقي ومع الشخصيات”.
وفي بُعد شخصي أكثر عمقًا، تكشف أن الفيلم حقق لها حلمًا طال انتظاره:
“على المستوى الشخصي، الفيلم حقق لي حلمي.. التبني. كان نفسي من زمان أتبنى أطفال غيروا حياتي الآن فعلاً”.
وتضيف: “وكان نفسي أتكلم عن السودان وأعمل حاجة للبلد.. أصبحت أحس أن الشعوب ردود أفعالها مهمة وتصل المسؤولين”.
صعود السينما السودانية
وتشير راوية إلى التطور الملحوظ في الحضور السوداني بالمهرجانات العالمية وتقول:
“في أول مهرجان خارجي، وهو صنداونز بأمريكا، شارك السودان بفيلم واحد فقط. الآن في الدوحة أربعة أفلام سودانية”.
وتضيف بفخر:
“فيها مخرجات سودانيات مثل سوزانا ميرغني، وهند بفيلم سودان يا غالي، وفيلم الخرطوم فيه أنا راوية.. وهذا اعتبره إنجازًا وفخرًا لصانعات الأفلام السودانيات وللشعب”.
وتختتم بقولها:
“أتمنى التوفيق والسلام لبلادي، وأتمنى سودان سلام وديمقراطية وحب”.
المصدر: صحيفة التغيير
