شهدت قاعة الوزراء بقصر المؤتمرات في مراكش، مساء الأحد 30 نونبر 2025، العرض العالمي الأول لفيلم “خلف أشجار النخيل”، العمل الجديد للمخرجة الفرنسية المغربيـة مريم بن مبارك، ضمن المسابقة الرسمية للدورة الثانية والعشرين للمهرجان الدولي للفيلم.
ورغم الترقب الكبير الذي رافق الفيلم، سرعان ما تحول النقاش من القصة إلى الاختيارات الإخراجية الجريئة، خصوصا ما يتعلق بالمشاهد الحميمية ذات الطابع الإباحي، التي اعتبرها عدد من المتابعين “محور الجدل” في العمل أكثر من السرد ذاته.
واحتلت اللقطات الحميمية مساحة بارزة داخل النقاش النقدي، حيث وصف عدد من صناع السينما والصحافيين تلك المشاهد بأنها “طويلة، مباشرة، وبمثابة إعادة إنتاج لخطوط بورنوغرافية” تتجاوز حدود الجرأة المعتادة في الإنتاجات المغربية.
وبحسب متابعين حضروا العرض، فإن بن مبارك اختارت التجسيد البصري الكامل للعلاقات الجنسية بين الشخصيات، بدل الاعتماد على التلميح أو الاقتصاد في الصورة، ما أثار تساؤلات حول جدوى هذه الخيارات: هل كانت ضرورة درامية؟ أم رهانا على خلق صدمة وجذب الانتباه داخل المهرجان؟
وانقسم متابعو الفيلم، بين من رأى أن الجرأة التي وظفتها المخرجة تبدو “مجانية تماما”، وأنها لم تخدم بنية الفيلم ولا تطور الشخصيات، بقدر ما شكلت عاملا لإثارة الاهتمام وخلق نقاشات جانبية حول حدود ما يمكن تمريره تحت غطاء الإبداع، معتبرين أن بعض المشاهد امتدت زمنيا بشكل “غير مبرر”، مما جعلها تقترب من الطابع الإباحي المباشر.
واعتبر تيار ثان، أن المخرجة تحاول كسر القيود المفروضة على الجسد في السينما المغربية، وأنها تتعمد مقاربة العلاقات العاطفية دون حواجز تقنية أو رقابية، بهدف تقديم صورة أكثر “واقعية وقسوة” للعلاقات خارج الأطر التقليدية، غير أن الطرفين اتفقا على أن حضور المشاهد الحميمية كان أكبر وأكثر وضوحا من أي عنصر درامي آخر في العمل.
وتدور أحداث فيلم “خلف أشجار النخيل” في طنجة، حيث يعيش مهدي علاقة غير شرعية مع سلمى، قبل أن تتغير مساراته بعد تعرفه على ماري، الشابة الفرنسية القادمة من عالم مرفه. ينجذب مهدي لعالمها الطبقي الجديد، وينساق خلف حلم مغادرة المغرب ورسم مستقبل مختلف، حتى لو كان الثمن هو التخلي عن سلمى الحامل منه.
القصة وفق عدد من النقاد مستهلكة اجتماعيا، ومعروفة في الدراما والسينما المغربية حيث جرى تناولها في عدة أعمال، لأنها كررت ثنائية العلاقات المختلة، الهجرة الحلم، والهوة الطبقية، دون أي إضافات فنية أو معالجة مبتكرة، باستثناء بناء بصري يعتمد على مشاهد جريئة بشكل لافت.
الفيلم الذي يمتد على مدى 93 دقيقة، جرى إنجازه بإنتاج مشترك بين فرنسا، المغرب، بلجيكا، والمملكة المتحدة، وشارك في كتابة السيناريو كل من: مريم بن مبارك، فيصل بوليفة، إيما بينيستان، وأنييس فوفر.
واستفاد فيلم مريم بن مبارك من دعم المركز السينمائي المغربي بقيمة 400 مليون سنتيم، إضافة إلى دعم ورشات الأطلس التابعة للمهرجان، ما جعل حجم التوقعات أكبر بالنظر إلى الإمكانيات التي رافقت المشروع.
يشار إلى أن بن مبارك، المولودة في الرباط، نشأت بين المغرب وفرنسا وبلجيكا، قبل أن تلتحق سنة 2010 بمدرسة “إنساس” ببروكسيل لتدرس الإخراج السينمائي، إذ سجلت حضورا لافتا عبر أفلام قصيرة، أبرزها “جنة” الذي بلغ قائمة المرشحين لجوائز الأوسكار عام 2015.
أما فيلمها الروائي الطويل الأول “صوفيا” سنة 2018، فحصد جائزة أفضل سيناريو في قسم “نظرة ما” بمهرجان كان، وحقق تتويجات دولية عديدة، مما جعل الأنظار تتجه نحو مشروعها الجديد “خلف أشجار النخيل”.
المصدر: العمق المغربي
