فجّر إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وقف الهجرة من دول العالم الثالث نحو الولايات المتحدة الأمريكية موجة من الجدل داخل هذه الدول. ويرى خبراء الهجرة أن المغاربة الحالمين بدخول بلاد “العم سام” عبر مجموعة من الطرق الشرعية كـ”القرعة الأمريكية” مهددون بالحرمان في حال تطبيق “وعيد ترامب”.

وبما يشبه “العقاب الجماعي” قرر ترامب اتخاذ هذه الخطوة، بالإضافة إلى طرد كل من لا يلتزم بالحضارة الغربية من بلاده، واتخاذ إجراءات إضافية، بعدما هاجم شخص من أفغانستان الحرس الوطني الأمريكي بطلق ناري، ما أدى إلى مقتل عنصر واحد.

وقال حسن بنطالب، الباحث المتخصص في قضايا الهجرة واللجوء، إن “القرار الأخير حول منع الهجرة بشكل دائم من دول العالم الثالث يعتبر غير منطقي وغير مفهوم، ويصعب فهم حيثياته ودوافعه الحقيقية”، وزاد: “يُعتبر ما يقوم به ترامب نوعًا من إرضاء الناخبين، خاصة الذين ينتمون إلى اليمين المتطرف”.

وأضاف بنطالب لهسبريس أن “الولايات المتحدة من أكبر الدول المستقبلة للهجرة، إذ تستقطب عددًا كبيرًا من المهاجرين من مختلف مناطق العالم، كما تستقطب الشركات الأمريكية الكفاءات بشكل كبير جدًا”، مشيرا إلى أن “غنى الولايات المتحدة الأمريكية وتطورها في مجالات مثل الاختراعات والإبداع يرجع بالدرجة الأولى إلى حقيقة أنها بلاد هجرة ومهاجرين”.

وتابع المتحدث ذاته: “من المتوقع أن تكون للقرار تبعات على مجموعة من الناس، سواء الذين يهاجرون في إطار القرعة، أو عقود العمل، أو التجمع العائلي. وتجب الإشارة إلى أن الدينامية في المجتمع المدني الأمريكي وردود فعل المتضررين ستلعب دورًا في الرد على هذه القرارات. كما أن العامل القانوني مهم جدًا في الولايات المتحدة كدولة مؤسسات وقانون، إذ إن القضاء غالبًا ما ينصف المهاجرين”.

وأردف الباحث ذاته: “من المرجح أن تستمر مثل هذه القرارات حتى نهاية ولاية ترامب، في انتظار تنصيب رئيس جديد أو قرار من المحكمة الدستورية. ومن المتوقع أن تتأثر القرعة الأمريكية (اللوتري) بهذا التراجع، مع الأخذ في الاعتبار أن اليد العاملة المهاجرة، خاصة غير النظامية، تلعب دورًا كبيرًا في الاقتصاد الأمريكي. وستكون هناك تداعيات، لكن النظام بأكمله لن تتم إعادة النظر فيه، ولن تدوم هذه القرارات بالضرورة”.

من جهته يرى عبد الحميد جمور، الباحث المتخصص في الهجرة والتنمية جنوبجنوب، أن الإعلان الأخير لإدارة الرئيس ترامب عن التجميد الدائم للهجرة ووقف استقبال المهاجرين، خاصة من دول العالم الثالث التي ينتمي إليها المغرب كدولة في طور النمو، “هو قرار له تداعيات خطيرة”.

وأضاف جمور لهسبريس أنه إذا تم تفعيل هذا القرار عمليًا فإنه يعني إغلاق الأبواب أمام المغاربة وبقية مواطني الدول النامية، وهذا يثير قلقًا بشأن العدالة الدولية وحقوق الإنسان.

واعتبر المتحدث ذاته أن “هذا القرار يعد عقابًا جماعيًا، سواء في قضايا الهجرة أو غيرها، وهو أمر غير سليم على المستوى الدولي؛ فالمبادئ القانونية الدولية وحقوق الإنسان لا تجيز معاقبة مجموعة كاملة بسبب أفعال أفراد، مثل ترحيل مهاجرين شرعيين بالكامل بسبب أفعال مهاجر غير شرعي واحد، فهذا يتعارض مع العدالة وقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان”.

وتحمل هذه القرارات، وفق الباحث ذاته، “أربعة مستويات من الآثار السلبية: أولاً تحميل الأبرياء أوزار أفراد لا علاقة لهم بها، ثانيًا إيقاف أحلام الآلاف من الشباب العاطل في دول نامية، وثالثًا فتح الباب لخطاب الكراهية والتمييز بناءً على الأصل الجغرافي أو العرقي، ورابعًا عدم معالجة جذور المشكلات الأمنية والاجتماعية وزيادة التوتر والاحتقان”.

ومن زاوية إنسانية أكد جمور أن “الهجرة ليست جريمة، بل هي بحث عن حياة أفضل”، مردفا: “تاريخيًا ساهم المهاجرون في بناء الولايات المتحدة الأمريكية اقتصاديًا وعلميًا وثقافيًا، ومعاقبتهم ككتلة واحدة يتناقض مع مبادئ الحرية التي تأسست عليها أمريكا”.

المصدر: هسبريس

شاركها.