أمد/ واشنطن: كشف دبلوماسيون غربيون أن الخطة الأمريكية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزءين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب، وفق ما أوردت صحيفة “التليجراف” البريطانية.

وحسب الصحيفة، يقول العديد من المسؤولين المشاركين في عملية ما بعد الحرب إن الجهود الأمريكية الحالية تركز بشكل شبه حصري على إعادة تطوير الجزء من غزة الخاضع للسيطرة الإسرائيلية، حيث لا يعيش أحد تقريبًا حاليًا، دون وجود خطة قابلة للتطبيق لنزع سلاح حماس.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أنه بدلًا من العمل كقوة حفظ سلام في القطاع بأكمله، فإن قوة الاستقرار الدولية ستتمركز فقط في “المنطقة الخضراء” تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي. وهذا يثير مخاوف من أن يصبح خط الانسحاب “الأصفر” المؤقت بمثابة “جدار برلين الثاني”.

ويسيطر جيش الاحتلال الإسرائيلي حاليًا على نحو 55% من غزة، بينما تسيطر حماس على 45% من أراضي القطاع المنكوب.

ونقلت “التليجراف” عن مسؤول عسكري إسرائيلي كبير أن قيادة جيش الاحتلال ليست لديها ثقة كبيرة بأن خطة ترامب الحالية ستتعامل مع حماس، وأضاف المسؤول أن الجيش يضغط للحصول على إذن لتطوير خطته الخاصة لنزع سلاح حماس.

وذكرت الصحيفة أن الولايات المتحدة تركز اهتمامها على مستقبل 53% من قطاع غزة الذي يقع الآن تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، رغم أن جزءًا ضئيلاً فقط من السكان الفلسطينيين يعيش هناك حاليًا.

ونقلت عن مسؤولين غربيين أنه وفق الرؤية الأمريكية، فإن قوة الاستقرار الدولية المنصوص عليها في خطة ترامب المكوّنة من 20 نقطة ستكون متمركزة فيما تسميه “المنطقة الخضراء” التي تسيطر عليها إسرائيل حاليًا.

وكانت مجلة “ذا أتلانتيك” الأمريكية قد كشفت في وقت سابق أن الأمريكيين يخططون لبناء سلسلة من المستوطنات الجديدة لسكان غزة على أنقاض الأحياء المدمرة إلى الشرق والجنوب من الخط الأصفر. وأشارت إلى أن هذه المجمعات ستشتمل على وحدات سكنية مؤقتة بحجم حاويات شحن، ويمكن أن تستوعب ما يصل إلى 25 ألف شخص في كل منها، على أن يجذب السكان إليها احتمال الحصول على رعاية طبية جيدة، وتعليم جيد، ومرافق عمل.

وكانت خطة ترامب الأصلية المكوّنة من 20 بندًا تنص على أن إعادة الإعمار والقضاء على التطرف ستتم في أجزاء من غزة حيثما كان ذلك ممكنًا، حتى لو بقيت حماس في أجزاء أخرى. لكن في ذلك الوقت، لم يكن أحد يتصور أن هذا النموذج قد ينطبق على ما يقرب من نصف قطاع غزة.

ولفتت “التليجراف” إلى أن أرييه لايتستون، المسؤول الكبير في إدارة ترامب، يعتبر عنصرًا محوريًا في الرؤية الأمريكية لـ”غزة الجديدة” إلى الشرق والجنوب من الخط الأصفر، ويدعم بقوة معارضة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإعادة توحيد غزة مع الضفة الغربية، وهو ما سيكون خطوة رئيسية نحو إقامة دولة فلسطينية.

وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، سيبدأ جنود الاحتلال الإسرائيلي قريبًا إخلاء منطقة لبناء أول “مجتمع بديل آمن” في مدينة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة، والتي دُمرت بالكامل تقريبًا.

وتستمر التقارير بشكل يومي تقريبًا عن استمرار الجيش الإسرائيلي في هدم المباني الواقعة إلى الشرق من الخط الأصفر، رغم أن جيش الاحتلال يقول إنه لا يزال يواجه مقاتلي حماس في المنطقة الخضراء، بما في ذلك أولئك الذين يخرجون من أنفاق الإرهاب، ويعمل على تدمير الأنفاق.

ولفتت “التليجراف” إلى أن حي الشجاعية، إلى الشرق من مدينة غزة، الذي دُمر بالكامل، تم ترشيحه كموقع محتمل لمجتمع آمن بديل.

وكشفت الصحيفة أن قيادة العمليات الخاصة الأمريكية في تامبا بولاية فلوريدا تعمل حاليًا بشكل مكثف على نمذجة وتجربة كيفية عمل هذه المجتمعات عمليًا. ومن المتوقع أن تُعقد سلسلة من المؤتمرات الافتراضية بين الأطراف الرئيسية الشهر المقبل، حيث سيتم اتخاذ القرارات. وأشار بعض المحللين إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى تكرار نموذج “الأحياء الآمنة” الذي استخدمته في العراق.

واختتمت “التليجراف” بأن الخطة الأمريكية لإقامة “الأحياء الآمنة” في غزة قد توفر منطقة عازلة دائمة، ويستبعد أي احتمال لأن تشكل غزة جزءًا من دولة فلسطينية مستقبلية، وهو ما يتسق مع رؤية جنرالات إسرائيل، رغم استيائهم من إعادة تنظيم حماس.

شاركها.