
برزت مظاهر تضامن السودانيين في المبادرات الأهلية الجماعية والفردية التي تنادت لتقديم الدعم للنازحين القادمين من مناطق الاشتباكات.
الخرطوم: التغيير
على الرغم من اتساع نطاق الحرب وتزايد التوترات الجهوية والمناطقية والعنصرية في الخطاب العام، تظهر الوقائع الميدانية في السودان، أن الروابط الاجتماعية بين مكونات المجتمع لا تزال صامدة، وأن مبادرات التضامن الشعبي تلعب دورًا مهمًا في الحد من آثار الصراع وتعزيز التعايش، متحدية الأصوات العنصرية التي تبث رسائل مرفوضة عبر الوسائط المختلفة.
وصعدت الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف ابريل 2023م، من خطاب الكراهية وبعض النعرات، وأسهمت في تنامي بعض المجموعات التي تتبنى خطابات عنصرية ترفض الآخر، وتدعو إلى إزاحته من المشهد السوداني، وساعد في ذلك التنامي الانتهاكات والجرائم الواسعة التي ارتكبت تحت نيران الحرب، إلا أن العديد من الشواهد تكشف عن صمود التماسك المجتمعي رغم المتغيرات.
استقبال واسع للنازحين
وشهدت ولايات شمال السودان ووسطه تدفق أعداد كبيرة من النازحين من مناطق غرب البلاد، خاصة بعد تصاعد العمليات العسكرية في مدينة الفاشر بشمال دارفور.
وبرزت مبادرات أهلية جماعية وفردية في مناطق مثل الدبة والعفاض بالشمالية لتقديم الدعم للنازحين، شملت الغذاء والملابس ومواد الإيواء.
ويؤكد ناشطون محليون، أن استقبال النازحين تم بعيدًا عن الاعتبارات الجهوية والمناطقية، وأن المجتمعات المستضيفة تعاملت مع القادمين من مناطق الحرب باعتبارهم مواطنين سودانيين متضررين من الحرب، لا كأبناء مناطق مختلفة.
وعكس التفاعل استمرار الدور الحيوي للنسيج الاجتماعي في البلاد، والتعويل على الروح الوطنية والتضامن الشعبي، في ظل تراجع الخدمات الحكومية الرسمية.
مبادرات فردية
وفي سياق متصل، سير الفنان المعروف محمد النصري قافلة مساعدات إلى نازحي الفاشر في مخيم العفاض بالولاية الشمالية، شملت مواد غذائية وإيوائية.
وقدمت المبادرة مثالًا على مساهمة الشخصيات العامة في جهود الإغاثة، واستثمار شعبيتها في دعم الفئات المتضررة، بما يعزز قيم التضامن والإنسانية.
وكذلك دفعت الصحفيتان سمية سيد وأميمة عبد الله بمبادرة للإعلاميين والصحفيين من أجل الإسهام في دعم النازحين القادمين من الفاشر إلى الشمالية، وذلك ن خلال إحياء شراكات مع رجال المال والأعمال والمعارف.
جسر الرياضة
كما لعبت الأندية الرياضية دورًا بارزًا في تعزيز الوحدة المجتمعية، حيث نظمت فرق كبيرة وجماهيرها حملات دعم للنازحين.
ويؤكد الصحفي الرياضي معاوية الجاك، مدير الإعلام السابق بنادي المريخ، أن الرياضة في السودان ظلت فضاءً محصنًا ضد العنصرية.
وقال لـ(التغيير): “العنصرية والتفرقة في الرياضة غير موجودة إطلاقًا، وهي جسم محصن تمامًا ضد الممارسات العرقية والجهوية”.
وأضاف: “قد تظهر العنصرية في مجالات أخرى، لكن في الرياضة تجد الجمهور يشجع اللاعبين مهما كانت مناطقهم”.
ولفت الجاك إلى أن قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) تمنع أي ممارسات ذات طابع عرقي داخل الوسط الرياضي.
وأشار إلى أن الرياضة واحدة من أهم ممسكات الوحدة الوطنية، مستشهدًا باستمرار الروابط الرياضية بين السودان ودولة الجنوب رغم الانفصال السياسي، حيث اختار الهلال والمريخ والمنتخب الوطني ملعب جوبا لاستضافة مبارياتهم خلال فترة الحرب، ووجد اللاعبون دعماً واسعًا من الجمهور هناك.
المصدر: صحيفة التغيير
