أمد/ في الخامس عشر من تشرين ثاني / نوفمبر 2025 انتخب الدكتور جمال زحالقة رئيسا جديدا للجنة المتابعة العربية العليا للجماهير الفلسطينية العربية في داخل أراضي ال1948، بعد أن أصر الرئيس السابق محمد بركة على ترك رئاسة اللجنة التي تولاها طيلة السنوات العشر الماضية، حيث تولى مهام الرئاسة لدورتين متتاليتين منذ 24 تشرين اول / أكتوبر 2015 حتى تسلم زحالقة الرئاسة بنسبة تصويت لصالحه 88% قبل نحو أسبوعين. وقبل الاستفاضة في تجربة القائد الشيوعي، والنائب السابق ورئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة سابقا، تملي الضرورة التوقف سريعا أمام تجربة اللجنة التي تأسست عام 1982، بعد ارهاصات وطنية وديمقراطية في أوساط أبناء الشعب العربي الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة منذ مطلع سبعينات القرن الماضي.
جاء تأسيس لجنة المتابعة العربية نتاج الحاجة والضرورة الوطنية والقومية للجماهير العربية كإطار تنسيقي جامع لها ولقواها السياسية والبرلمانية والحزبية ولسلطاتها المحلية والنقابية والثقافية التربوية، وكضرورة ومصلحة عليا للجماهير وحاجتها الى قيادة تمثيلية موحدة للدفاع عن الحقوق المدنية والقومية ومواجهة القوانين والانتهاكات العنصرية الإسرائيلية وفي الوقت ذاته لحماية وترسيخ وتعزيز الهوية الجمعية لفلسطيني داخل الداخل ومتابعة النضال لتحقيق المساواة الكاملة مع يهود إسرائيل الصهاينة، وسبق بركة وزحالقة في قيادة اللجنة كل من: إبراهيم نمر حسين، ومحمد زيدان، وشوقي الخطيب ومازن غنيم، والأخير جاء كمحطة انتقالية ومؤقتة استمرت عاما فقط، ثم تولى أبو السعيد مهامه كرئيس للجنة. ومما لا شك فيه، أن كل قادة لجنة المتابعة جميعهم أسهموا بجهودهم مع شركائهم في الهيئات القيادية المنبثقة عن مؤتمراتها العامة في الدفاع عن مصالح وهوية وحقوق الشعب السياسية والقانونية والمدنية.
لكن ما ميز ولاية ورئاسة محمد بركة التحديات المتصاعدة على أكثر من مستوى وصعيد، ومنها أولا صعود اليمين الصهيوني المتطرف واتساع وتعميق الانتهاكات العنصرية ضد الجماهير الفلسطينية، وتجلي النازية بأبشع اشكالها في أوساط المجتمع الإسرائيلي، ثانيا تصاعد الجريمة من قبل العصابات وتجار المخدرات ومروجي الدعارة وغيرها من الآفات والانتهاكات في أوساط الجماهير العربية، حيث طالت كل المدن والبلدات والتجمعات الفلسطينية داخل الخط الأخضر، وساهمت أجهزة الامن الإسرائيلية المختلفة في دعم واسناد تلك العصابات الاجرامية لتحقيق هدف التفتيت الاجتماعي بين أبناء الشعب الفلسطيني، ثالثا نشوء قوى حزبية وسياسية جديدة استدعت الضرورة استيعابها ودمجها في بوتقة اللجنة من خلال التشبيك معها، وتجاوز العقبات والخلافات البينية كافة لحماية الهوية الوطنية والقومية في مواجهة التغول الصهيوني الرسمي وغير الرسمي؛ رابعا تطوير وتعزيز تنظيم المجتمع الفلسطيني في داخل الداخل، وعدم تركه عرضة للتشرذم والتفتت والصراعات الداخلية، وتمتين التشبيك بين مكونات الشعب في القطاعات المختلفة؛ خامسا السعي الدؤوب للارتقاء بتعميق الروابط بين أبناء الشعب في ال48 وباقي التجمعات الفلسطينية في الوطن والشتات، وخاصة مع المؤسسات القيادية للشعب العربي الفلسطيني وعنوانها الأساس منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد، لكن مع إبقاء خاصية لأبناء الشعب داخل الخط الأخضر؛ سادسا تعزيز التعاون مع القوى اليهودية الديمقراطية وخاصة غير الصهيونية، دون إدارة الظهر لأي قوى صهيونية ديمقراطية تؤيد وتدعم خيار السلام مع الشعب الفلسطيني، والاقرار بحقوقه السياسية والقانونية في دولته الفلسطينية المحتلة على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين لديارهم التي طردوا منها وفق القرار الدولي 194؛ وغيرها الكثير من المهام.
ورغم التحديات المتعددة، والتي تعاظمت في زمن الإبادة الجماعية خلال عامي 2023 و2025، والاخطار الناجمة عن صعود النازية الصهيونية الى ذروة البطش والتمييز والفصل العنصري ضد ابناء الشعب داخل الخط الأخضر، وحرمانهم من ابسط اشكال التعبير عن رفضهم لذبح وابادة أبناء شعبهم في عموم الوطن وقطاع غزة خاصة، الا انه بفضل الحكمة والشجاعة والإرادة والتشارك مع اركان قيادة لجنة المتابعة وباقي القوى السياسية الفلسطينية وبفضل دعم القوى اليهودية الديمقراطية تمكنت اللجنة من تنفيذ جملة من الفعاليات والأنشطة وخاصة في تل ابيب لدعم أبناء الشعب في القطاع المنكوب، كما ساهمت اللجنة تحت قيادة أبو السعيد بالدفاع المستميت عن القرى الفلسطينية غير المعترف بها في النقب، وواجهت مخطط بريفر الاستيطاني الصهيوني، ودافعت عن حقوق المهجرين الفلسطينيين في وطنهم، وتم تكريس يوم عالمي لدعم أبناء الشعب في داخل الخط الأخضر، ونجحت لجنة المتابعة تحت قيادته في العديد من المجالات والميادين،
بالنتيجة تملي الضرورة تثمين الجهود الوطنية والقومية والديمقراطية على مدار العقد الماضي، التي كان الفضل بها لرئيسها السابق محمد بركة، واهمها، انه حافظ على وحدة وترابط وتكامل القوى السياسية والحزبية والبرلمانية والمجالس المحلية والكفاءات الثقافية والأكاديمية المستقلة من الجنسين تحت راية وقيادة لجنة المتابعة العربية العليا للجماهير العربية مؤكد فاتني تسجيل العديد من الأنشطة المختلفة طيلة السنوات العشر الماضية، ولكن الأهم ان بركة سلم الراية لخليفته واللجنة متماسكة وصلبة العود، وإداوتها فاعلة ومتميزة، والباب بات مفتوحا أمام رئيسها الجديد زحالقة لوضع بصمته الخاصة والعامة. وشكرا للقائد أبو السعيد على جهوده كافة.
 

شاركها.