

أدى النزاع المستمر الذي اندلع في أبريل/نيسان 2023 في الخرطوم بين قوات الدعم السريع (RSF) والقوات المسلحة السودانية (SAF) إلى شلّ السودان. لقد نزح ملايين الأشخاص، وفقدوا منازلهم وأعمالهم التجارية، وعانوا من انتهاكات مروّعة، بما في ذلك التعذيب والعنف الجنسي وغيره، وفقدوا أحباءهم. وقد أعلنت الأمم المتحدة أن السودان يواجه أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث أودى الصراع بحياة عشرات الآلاف وتسبّب في نزوح أكثر من 12.4 مليون شخص، من بينهم أكثر من 3.3 مليون كلاجئين في البلدان المجاورة. تواجه النساء والفتيات ضعفًا غير مسبوق، مع زيادة حادّة في وفيات الأمهات، وتعطّل أكثر من 80 في المائة من المستشفيات في مناطق النزاع، مما ترك الكثيرات دون رعاية طبية ضرورية، وتظل حالات العنف الجنسي المرتبط بالنزاع غير مُبلَّغ عنها إلى حد كبير.
“حرب الفظائع” هو العنوان الذي أطلقته بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصّي الحقائق بشأن السودان على تقريرها لعام 2025، واصفةً به خطورة الفظائع التي تعرَّض لها السودانيون منذ اندلاع الحرب. وخلص التقرير إلى أن كلا الطرفين احتجزا أفرادًا بشكل تعسفي دون تهمة أو إجراءات قانونية، وأخضعوهم للتعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة ولظروف معيشية غير إنسانية. وخلص التقرير مرة أخرى إلى وجود حالات اغتصاب واسعة النطاق وأشكال أخرى من العنف الجنسي والقائم على النوع الاجتماعي، ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية، ارتُكبت بشكل رئيسي من قبل قوات الدعم السريع (RSF) ولكن أيضًا من قبل القوات المسلحة السودانية (SAF)، واستهدفت النساء والفتيات بناءً على مزيج من نوعهن الاجتماعي وعرقهن.
يقدّم هذا التقرير أصوات أكثر من خمس عشرة ناجية وناجيًا من انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب أو سوء المعاملة، والاحتجاز التعسفي، والاختفاء القسري، والعنف الجنسي والقائم على النوع الاجتماعي. يغطي التقرير فترة تبدأ من اندلاع النزاع حتى أغسطس 2025، وأُجريت المقابلات في جميع أنحاء السودان، سواء بشكل شخصي أو عبر الإنترنت أو في مخيمات اللاجئين في الدول المجاورة. وقد خلّفت هذه الانتهاكات آثارًا مدمّرة لم تطل الضحايا فحسب، بل امتدّت إلى أسرهم ومجتمعاتهم، تاركةً ندوبًا عميقة تتجاوز قدرة الأجيال على تجاوزها. إن عدم القدرة على السعي لتحقيق العدالة يترك الضحايا وعائلاتهم يكافحون بمفردهم دون الحصول على تعويضات أو مساءلة أو حتى مساعدة طبية لمعالجة الجروح التي خلّفتها هذه الانتهاكات.
يدعو هذا التقرير الهيئات الإقليمية والدولية إلى إيلاء الأولوية لمعاناة الشعب السوداني التي تنتج عنها العديد من الانتهاكات للحقوق الأساسية، حيث يتعرض الناس للقتل والتشريد والاعتداء، ويواجهون المجاعة، في ظل مشاهدة العالم من على الهامش.
التغيير: تقرير
Sudan_Report_AR READY_251126_175914
المصدر: صحيفة التغيير
