آخر تحديث:

أسماء محمد مصطفى

عشرون لوحة ترافقها عشرون عبارة، تبوح بأنّ المعرفة ضوء، والضوء محبة، والمحبة سلام. ضمَّها المعرض الرقمي الأول لمبادرة حملة ثقافة المحبة والسلام، التي أُطلقت بالتعاون بين دار الكتب والوثائق العراقية ومجلة سماء الأمير الإلكترونية الرقمية، بهدف نشر قيم المحبة على مستويين: المستوى الداخلي للإنسان، والخارجي المتمثل بالمجتمع والوطن، عبر إشاعة وتعزيز ثقافة المحبة والتعايش واحترام التنوع الثقافي، ومكافحة خطاب الكراهية.

يقوم المعرض، الذي عنونتهُ (ثقافة المحبة والسلام تبدأ من كتاب)، على لوحات رقمية اشتغلتها بأكثر من أداة للذكاء الاصطناعي وبرنامج التصميم (الفوتوشوب)، وتحمل ثلاث رسائل ثقافية وأخلاقية وإنسانية ووطنية أساسية: الأولى تركز على دور الكتاب في نشر المحبة والسلام وتأكيد الوحدة الوطنية، والثانية تفيد بأن التكنولوجيا حين تُسخَّر وتوجَه بروح المحبة تصبح أداة لنشر الجمال والوعي، أما الثالثة فتدعو إلى التشجيع على قراءة الكتب.

وعبر تفاصيلها وأسلوبها الواقعي الرومانسي، وألوانها الدافئة التي تحاكي تقنيات الزيت والأكريليك، تحكي اللوحات أن الأمل يولد من بين صفحات الكتب التي تروي البلاد من نبعها، فالكتاب مرآة تجمع الناس على المحبة والإخاء، حيث تتشابك أيدي العرب والكرد والتركمان والإيزيديين والشبك والصابئة حول نهر الحياة الذي يرويهم سلاماً وطمأنينة.

استطاع الذكاء الاصطناعي أن يحوِّل ما في مخيلتي إلى لوحات ترى بغداد مدينةً مبنيّة من صفحات الكتب والمعرفة، يتدفق فيها نهر المحبة والسلام، وتجتمع أطياف أهلها على الجسور بين الرصافة والكرخ تحت راية العراق الموحَّدة. كما ترى اللوحات البيت العراقي الأصيل مبنياً على تلك الصفحات الثرية، لتصبح المعرفة سقفه وجدرانه، فالكتاب هنا أساس البيت العراقي إذا أردناه بيتاً آمناً مزدهراً خلاقاً.

وفي البيت ثمة أم ليست أماً فقط، بل أول مدرسة للمحبة والسلام في الأسرة، تغرس بذور الجمال والإنسانية والتفاهم في نفوس أطفالها، وهم بدورهم يرسمون ما يتعلمونه في مخطوطة كتاب، ليكون أول لوحة فنية لأحلامهم يهدونها للمستقبل.ومن البيت إلى المدرسة، يغرس الكتاب القيم النبيلة في قلوب الأطفال ويعلمهم لغة التسامح، ولهذا توصي إحدى اللوحات بجعل القراءة عادة يومية لهم.وفي المكتبة، كما في البيت، تجتمع الأجيال حول الكتاب وتتواصل لتعميق المحبة والسلام بينها.

وخارج البيت، تتعدد سكك الحياة، لكن هناك سكة للمحبة يسافر عليها قطار المعرفة غير عابئ بالتحديات، يحمل الكتب وأجيالاً متنوعة نحو مستقبل مشرق، حيث نرى الكتاب بوابة ذهبية تحوِّل الصحراء إلى واحة، وتربة خصبة تنبت منها شجرة الحياة، ودواءً للروح، تتصاعد منه أنوار تشفي جروح القلب، مثلما تغذي العقل.كل ذلك تبوح به لوحات معرض الكتاب الناطق بالحب، وتختتم حديثها اللوني بدعوتنا إلى لحظة تأمل مع الكتاب عند الغروب، حتى نرى المعرفة تتحول إلى ضوء يضيء القلب، فينبعث منه السلام الداخلي، فالمحبة تنبع أولاً من داخل الإنسان، ثم تتسع لتغمر وتضيء من حوله: أسرةً، مجتمعاً، وطناً، عالماً.. حيث لا مكان للكراهية.. لا مكان للقسوة.

شاركها.