البرهان أين هم الإسلاميين؟

التقي البشير الماحي

يبدو أن ثمة شبه إجماع إقليمي ودولي تجاه جماعة الإخوان المسلمين والإسلام الحركي، إجماعٌ تشترك فيه حكومات وشعوب بدرجات متفاوتة.

السودان قبل انقلاب الإسلاميين على السلطة لم يكن خارج هذا المزاج العام، بل إن معرفتهم بهذا الموقف كانت أحد دوافعهم للانقضاض على الحكم كما تقول بعض شهاداتهم.

اليوم تقود الولايات المتحدة حملة جديدة لتصنيف الجماعة وفروعها كمنظمات إرهابية حماية لمصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة، ومن المهم هنا معرفة موقف دول الإقليم خاصة الثلاثية المؤثرة في الشأن السوداني داخل الرباعية مصر والسعودية والإمارات، السؤال: هل تتبنى هذه الدول موقفًا موحدًا تجاه الإخوان وتعمل على تصنيفهم؟ الإجابة حملها بيان الرباعية الذي تضمن الدعوة لإبعاد الإسلاميين المتشددين، وهي إشارة اعتبرها كثيرون استجابة واضحة لمتطلبات هذه الدول التي ترى في حضور التنظيم تهديدًا لأمنها القومي.

قادة التنظيم يدركون هذه الحقيقة جيدًا وهم يعملون على تجنب الدخول في مواجهة مفتوحة مع هذه الدول مجتمعة ويختارون رفع الصوت تجاه الإمارات بينما يحافظون على قدر من الهدوء تجاه مصر والسعودية في ظل دعم الدولتين للجيش في معركته ضد الدعم السريع بانتظار لحظة أكثر مناسبة للمواجهة.

البرهان بدوره يقف في منطقة حرجة بين مطرقة ضغوط الداخل وسندان حسابات الخارج محاصرًا بتوازنات معقدة فيجد نفسه أحيانًا يطلق عبارات مرتبكة من قبيل “أين هم الكيزان”، هل يرى أحد منكم إسلاميين هنا؟”. وهو يعلم أن وجودهم وتأثيرهم كان حاضرًا منذ لحظة توليه السلطة.

يشير محللون كثر أن البرهان كانت عينه دومًا على السلطة ولذلك سعى لإجهاض التحول المدني منذ فض الاعتصام بالشراكة مع الإسلاميين وحميدتي ثم عبر انقلاب أكتوبر الذي ظنّ أطرافه أنهم تخلصوا من القوى المدنية إلى الأبد. بعدها جاءت حرب أبريل حرب الاستفراد بالسلطة بعد إزاحة الخصوم المدنيين، بينما ظلت الحركة الإسلامية تعمل من خلف ستار كما اعتادت منذ ليل استيلائها على الحكم.

اليوم كما في الأيام التي سبقت الانقلاب يعود الإحساس بأن شيئًا يُدبَّر في الخفاء وحتماً الضغوط المتتالية والاختناق السياسي والعسكري قد يقودان إلى واقع جديد يشبه ما جرى في أبريل.

التحولات داخل المنظومة الأمنية لا تشبه خلافات القوى المدنية فالأولى سلاحها الدانات والثانية سلاحها البيانات لهذا بحّت أصوات المشفقين وهم يحذرون من غياب الإصلاح الأمني وضرورة توحيد الجيش وإبعاده عن السياسة. فحين كان العسكريون يطالبون المدنيين بالاتفاق مع العلم أن الكيانات المدنية في الأصل طابعها الخلاف وفي اختلافهم رحمة، بينما خلاف العسكر نتيجته ما نشاهده اليوم.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.