شهدت مدينة مراكش حركية دبلوماسية وأمنية لافتة، على هامش أشغال الجمعية العامة للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية “أنتربول”، حيث عقد المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، عبد اللطيف حموشي، سلسلة مكثفة من الاجتماعات الثنائية واللقاءات المتعددة الأطراف، توج بعضها بتوقيع مذكرات تفاهم جديدة في مجالات مكافحة الجريمة المنظمة والأمن السيبراني.
ووفق بلاغ المديرية العامة للأمن الوطني، فقد عقد حموشي والوفد الأمني المرافق له 43 اجتماعا ثنائيا مع رؤساء وفود الدول والمنظمات الدولية والإقليمية المشاركة، بطلب من هذه الأخيرة، بهدف تقييم التعاون الأمني، وتبادل الخبرات، وفتح آفاق جديدة للشراكات العملية بين المصالح الأمنية المغربية ونظيراتها عبر العالم.
وشملت اللقاءات الثنائية وفودا رفيعة من عدة قارات، بما فيها أوروبا، آسيا، إفريقيا، وأمريكا اللاتينية، حيث ناقش الطرفان خلالها ملفات ذات اهتمام مشترك، في مقدمتها مكافحة الجريمة المنظمة، ومحاربة الإرهاب، والتصدي للجرائم السيبرانية، وتعزيز الكفاءات الشرطية.
ففي أوروبا، تباحث المدير العام للأمن الوطني مع مسؤولين كبار من ألمانيا وإسبانيا وبولونيا وصربيا والسويد والدانمارك وإيطاليا ورومانيا وروسيا الاتحادية، إضافة إلى مسؤولي الشرطة في هنغاريا، سلوفينيا، مونتينيغرو، التشيك، وسويسرا، وغيرها من الدول التي أبدت رغبة واضحة في توسيع شراكتها مع المغرب.
أما على المستوى الإفريقي، فقد عقدت مباحثات مع مسؤولي الشرطة في بنين، موريتانيا، بوركينافاسو، مالي، الكاميرون، رواندا، الغابون، السينغال، الموزمبيق، والنيجر، ضمن توجه استراتيجي يجعل من المغرب فاعلا محوريا في تعزيز الأمن الإقليمي.
كما شملت اللقاءات وفودا من الهند وتركيا والصين والبحرين والكويت وماليزيا وكوريا الجنوبية واليمن ونيبال، إلى جانب دول من أمريكا اللاتينية والكاريبي مثل الأرجنتين والبرازيل والشيلي والبهاماس وبناما.
مشاورات دولية
إلى جانب اللقاءات الثنائية، أجرى حموشي مشاورات مع رئيس منظمة الإنتربول، وأمينها العام، وأعضاء اللجنة التنفيذية، كما التقى بقيادات مؤسسات إقليمية ودولية فاعلة في المجال الأمني.
ومن بين أبرز هذه اللقاءات، الاجتماع مع الدكتور محمد بن علي كومان، الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، والدكتور عبد المجيد بن عبد الله البنيان، رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، حيث تمت مناقشة آليات الارتقاء بالتكوين الشرطي والعمل الأمني العربي.
كما عقد لقاء مع فيصل شهكار، رئيس جهاز الشرطة التابع لهيئة الأمم المتحدة، الذي عبّر عن رغبة المنظمة الأممية في تعزيز تعاونها مع المغرب، سواء في نيويورك أو في بعثات حفظ السلام.

كما تميزت اللقاءات بمباحثات مثمرة مع مسؤولي المنتدى الاقتصادي العالمي، تم خلالها بحث فرص التعاون في مجال أمن المعلوميات ومكافحة الجريمة السيبرانية.
وتوّجت بعض هذه الاجتماعات بتوقيع مذكرتي تفاهم مع كل من الشرطة الوطنية النرويجية، والشرطة الفيدرالية الإثيوبية، لتعزيز التعاون العملياتي والاستخباراتي، وتبادل الخبرات، وتطوير الكفاءات في مجالات مكافحة الجريمة المنظمة والعنيفة.
وستمكن هذه الاتفاقيات من دعم المصالح الأمنية في البلدين بنقل الخبرة المغربية وتقديم المساعدة التقنية واللوجستية، خصوصًا في مجالات التدريب والاستعلام الجنائي.
مأدبة عشاء في قصر تاريخي
وفي سياق الأنشطة المواكبة لأشغال الجمعية العامة للأنتربول، أقام عبد اللطيف حموشي، مساء الأربعاء، مأدبة عشاء رسمية بقصر البديع التاريخي على شرف الوفود المشاركة، بحضور كبار المسؤولين الأمنيين من مختلف دول العالم.
وتميّز الحفل بطابع مغربي أصيل، جمع بين حسن الضيافة وعراقة الفضاء التاريخي، حيث استمتع الحضور بوصلات فلكلورية قدمتها 16 فرقة تمثل مختلف جهات المملكة، ما أتاح لضيوف المغرب التعرف على ثراء التراث الثقافي المغربي، من الشمال إلى الجنوب.

وشارك في هذا الحفل شخصيات بارزة، من بينها رئيس الإنتربول، أمينه العام، وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، وزير الخارجية ناصر بوريطة، الوزير المنتدب فوزي لقجع، وقائد الدرك الملكي، بالإضافة إلى أكثر من 1200 مندوب يمثلون أجهزة الشرطة والأمن في العالم.
وبهذه الدينامية المكثفة، كرّست مراكش نفسها منصة عالمية للتنسيق الأمني وتبادل الخبرات، فيما أكد المغرب، من خلال مشاركته الفاعلة، قدرته على لعب دور أساسي في صياغة منظومة أمنية دولية قائمة على التعاون، الشراكة، وتبادل الخبرات.

المصدر: العمق المغربي
