أمد/ يقال ان الفلسطينيين وافقوا على الالتزام ببروتوكولات اليونسكو للمناهج المدرسية فهل هذا ممكن وهل يمكن تعليم الغزيين دروسهم بوحي من بروتوكول ثبت ان لا وجود له على ارض الواقع وقد خبر الفلسطيني ذلك بدمه وجوعه وعطشه ومرضه وبيته.
اعتقد ان افضل طريقة للتعلم خصوصا في الصفوف المدرسية الاولى هي ربط مادة التعلم بالمكان حاضرا وتاريخا وحتى مستقبلا فلا يمكن لطفل في السادسة ان يدرك الاشياء بعيدا عن الملموس والمباشر من ما يراه ويعرفه بفعل المشاهدة او المشاركة او العيش كمهنة الاب او واقع حال البلد او التاريخ الماثل امامه كالاثار المعروفة ولو طلب من خبير محايد ان يكتب مادة للحساب للصفوف الثلاثة الاولى لعدد من الشعوب فسيكتب لاطفال مصر عن الاهرامات وسيضع مسالة حسابية تقول اذا اكتشف علماء الاثار هرما جديدا وكان لدينا ثلاثة من قبل فكم سيكون لدينا او اذا كان لدينا خمسة مومياءات ثمينة جدا وسرق اللصوص واحدة فكم يتبقى لدينا.
اذا كان المقصود منهاجا للسويسريين فسيستخدمون الورد كأن تكون المعادلة اذا كان لديك ثلاثة وردات حمراء واعطاك جون وردة بيضاء واعطتك ماري وردة زرقاء فكم وردة يصبح لديك واذا كان الامر يخص الهولنديين فستستخدم الأبقار والخليج العربي سيتم استخدام الجمال وهكذا.
ولو اردنا ان نضع منهاجا للحساب للفلسطينيين في الصفوف الثلاثة الاولى والتي لم تنتظم بها الدراسة ابدا في قطاع غزة ويصبح من كان من الطبيعي ان يكونوا على مقاعد الدراسة في هذه الصفوف يصنفون كاميين والامر يطال ما بعدهم فمن كان في صف ما توقف ثلاثة اعوام عند حده فكيف يمكننا وضع منهاج للحساب مستوحى من حالات غزة ومخيمات جنين وطولكرم ونور شمس او من باقي المناطق حيث سرقة ومصادرة الارض والمزروعات ونسف البيوت واعتقالات بالالاف فكيف ستكون معادلاتنا الحسابية الا هكذا:
المعادلة الاولى: احد احياء مدينة غزة يضم عشرون بناية وقد قام الاحتلال بتدمير خمسة منها وتضررت ثلاثة فكم بقي من المباني سليما
المعادلة الثانية: يعيش في هذا الحي الف شخص استشهد منهم مائة وجرح ثلاثمائة وبقي تحت الانقاض خمسون فكم عدد من نجا سالما من مجموع سكان الحي.
وتابعا لهذه المعدلة هل يمكن حساب من نجا فقط بمن لا زال حيا ام ان الحسبة مختلفة هنا وقد تكون ان الجميع اصيب منهم من اصيب بالصدمة النفسية ومنهم من اصيب بالفقد وبقي دون اسرة ومنهم من اسيب بغياب المأوى
المعادلة الثالثة: اسرة مكونة من ام واب وخمسة اطفال استشهد الاب وطفلان فكم عدد الاطفال الذين نجوا مع الام
وتابعا ايضا لهذه المعادلة فهل يجوز القول ان عدد الاطفال الذين نجوا هم ثلاثة ام ان الاجابة الصحيحة هي ” لا احد ” فمن عاش منهم اهوال التجربة كبر بالحد الادنى عشرون عام
المعادلة الرابعة: مواطن من ترمسعيا يملك كرما للزيتون انتج منه عام 2025 الف كيلو من حب الزيتون سرق منه المستوطنين خمسمائة فكم بقي للمواطن من الزيتون
المعادلة الخامسة طفل من مخيم جنين هدم الاحتلال بيته ودمروا مقتنياته وكان لديه ثلاثة قمصان ونزح خارج المخيم دون ان يتمكن من حمل شيء من مقتنياته بما في ذلك ملابسه عدا ما كان يرتديه فكم عدد القمصان التي لا زالت لديه.
هذه نماذج تجعل علم الحساب على الطريقة الفلسطينية معقد لدرجة انك بحاجة لاعادة النظر في علم الحساب الجاف بعد ان غرقت ارقام غزة بالدم والفقد والجوع والعطش والمرض.
كل مناهج التعليم في فلسطين وللفلسطينيين لا يمكن لها ان تكون الا اذا قرات حالهم فطلبة الطب المتوقفين عن دراسته في جامعات غزة لا يمكنهم الاجابة عن الدواء المناسب لمرضى ضغط الدم الا باجابة واحدة ” لا دواء ” ولن يجيب طالب الصيدلة عن نفس السؤال كيف سيصرف روشتة الطبيب الا بجواب واحد ” الصيدلية فارغة او قصفت “.
اكتبوا لنا منهاجا من حياتنا لا من بروتوكول اليونسكو والا فاننا سنبقى اميين حتى نصنع منهاجنا بانفسنا فمنهاج السلام المذبوح لا يمكن ان يعيش على اوهام لا مكان لها في عالم تسوده شريعة الغاب.
ان على من سيضعوا منهاج التعليم الفلسطيني ان يكونوا مروا بتجربة غزة او مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس وعقبة جبر والفارعة وغيرهم والا فانهم لن يستطيعوا تعليم طفل واحد ابجدية اللغة فمن سيقرأ الالف لن يتعلمها من ” كوز الذرة ” لانه اما أن يكون نسيها او انه لم يراها اصلا مذ تعلم النطق والمشي الى ان كان عليه الذهاب الى المدرسة بعد ان نسفها جيش الاحتلال ولم تعد هناك وهو لا يعرف شكلا لخط مستقيم الا شكل جسد طفل مسجى على بوابة قبر او نافورة دم لم تتوقف بعد.

شاركها.