هل يجرؤ الإرهابي عبد الحي يوسف على تكفير أردوغان ؟

بابكر فيصل

بمجرد استيلاء جماعة الإخوان المسلمين على السلطة في السودان بواسطة الانقلاب العسكري في يونيو 1989، ظهرت طبقة من رجال الكهنوت جعلت من الدين تجارة رابحة ومصالح شخصية، حِرفة وصنعة يؤجرون عليها, يتكسبون بالقرآن وبإصدار الفتاوى, ويرتزقون من المناصب العليا في المؤسسات الدينية التي تناسلت دون حاجة حقيقية لها في المجتمع.

وقد لمع من بين أفراد هذه الطبقة الكهنوتية الواعظ الإرهابي، عبد الحي يوسف، الذي بات من أبرز رجال الدين النافذين في دولة الإخوان بحكم قربهِ من الجنرال المخلوع, عمر البشير, حيث منحته هذه الصلة العديد من الامتيازات المتمثلة في عضوية ورئاسة كثير من الهيئات والمؤسسات والمنظمات.

كما أغدق عليه نظام الطاغية المخلوع العطايا والأموال, وهو الأمر الذي اعترف به البشير في محاكمته حيث ذكر أنه تبرع لمجلس إدارة قناة “طيبة الفضائية” المملوكة لعبد الحي بمبلغ 5 مليون دولار, كما اعترف الرجل الثاني في النظام، علي عثمان طه, في تسجيل بثته قناة العربية بأن “تسعين جنيها من كل مائة جنيه صُرفت على القناة كانت تأتي من الحركة الإسلامية” (الفرع السوداني لجماعة الإخوان المسلمين)!

بعد سقوط نظام الإخوان عبر الثورة الشعبية في أبريل 2019, قامت لجنة إزالة التمكين باسترداد قناة طيبة والأصول التابعة لها لصالح حكومة السودان, كما أصدرت النيابة أمراً بالقبض على عبد الحي, على خلفية بلاغ لاستلامه المبلغ المذكور من المخلوع مما اضطرهُ للهروب لدولة تركيا بمعية العشرات من رموز النظام الإخواني حيث استأنف بث قناة طيبة واتخذ منها منصة لمهاجمة الحكومة الانتقالية.

أصدر الإرهابي عبد الحي يوسف الأسبوع الماضي فتوى تُصنِّف المدنيين من قوى الثورة التي ساندت الإتفاق الإطاري بأنهم “أقرب للكفار” كما أنها تُبيحُ قتلهم لأنَّ الإتفاق بزعمه يدعو لإقصاء شرع الله وإقامة نظام علماني, وهى كذبة بلقاء يعرفها كل من قرأ الإتفاق الإطاري . جاء في فتوي عبد الحي :

( الحكم الأول: يصدُق على قائد الدعم السريع ونائبه ومستشاريه وكبار ضباطه وكذلك من تابعهم على رأيهم ممن صرَّحوا بأنهم يقاتلون من أجل توقيع الاتفاق الإطاري القائم على تنحية شرع الله وتقرير العلمانية نظاماً للحكم في السودان, فهؤلاء ليسوا مجرد بغاة بل هم إلى الكفر أقرب, ويصدق عليهم قول ربنا جل جلاله:{الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفًا}، خاصة وأن قائد الدعم السريع تدعمه دولة تحارب الله ورسوله في كل مكان, والأحزاب التي تتحالف معه وتمثّل حاضنة سياسية له لا يخفى على لبيب موقفها من شرع الله عز وجل, وأن قادة تلك الأحزاب منادون بالعلمانية مدافعون عنها وكثير منهم عملاء لأجهزة مخابرات عالمية, منها يتموّلون وبأمرها يعملون, وهؤلاء قتالهم واجب وقتلهم مُتعيِّن؛ مثلما فعل الصديق أبو بكر رضي الله عنه مع المتنبئين الكذابين ومع المرتدين عن دين الإسلام بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام).

دون الدخول في أي محاججة حول هذه الفتوى الإرهابية التي تدعو لقتل المدنيين العُزَّل, فإننا ندعو الإرهابي عبد الحي يوسف إلى توسيع الفتوى لتشمل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لأنه يدافع عن النظام العلماني دفاعاً مستميتاً. ففي زيارته الشهيرة لمصر عام 2011 قال أردوغان أن الدولة العلمانية ( لا تعنى دولة اللادين، وأنَّ العلمانية الحديثة لا تتعارض مع الدين), ونصح الذين كانوا يُعدِّون الدستور المصري حينها بالحرص على ضمان وقوف الدولة على مسافةٍ متساويةٍ من جميع الأديان والفئات, وقال ( فإذا بدأت الدولة بهذا الشكل فإنَّ المجتمع كلهُ سيجد الأمان, المسلمون والمسيحيون وغيرهما من أديان أخرى واللا دينيون، فحتى الذي لا يؤمن بالدين يجب على الدولة أن تحترمهُ, إذا تم وضع تلك الضمانات فهذه هي الدولة العلمانية).

إنَّ دستور الدولة التركية التي يعيش فيها الإرهابي عبد الحي يوسف ويُصدر من داخل أراضيها الفتاوى التكفيرية هو دستور علماني بإمتياز, كما أن تركيا عضو في حلف الناتو “حلف الصليبيين” وهى تعترف بإسرائيل ولديها معها علاقات دبلوماسية و إقتصادية متينة كما أن الأراضي التركية تستضيف قاعدة “إنجرلك” الجوية الأمريكية, وحزب العدالة الذي يتزعمه إردوغان لا يطالب بتطبيق قوانين الشريعة الإسلامية.

نحن في إنتظار إصدار الإرهابي عبد الحي يوسف فتوى بتكفير وقتل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بذات الحيثيات التي أصدر بها فتوى قتل المدنيين السودايين العُزَّل !

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.