أمد/ باريس: تشهد الصحافة الفرنسية اهتماماً واسعاً بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إطلاق مسار تصنيف فروع من جماعة الإخوان كمنظمات إرهابية، وسط انطباعات إيجابية رأت في الخطوة تحوّلاً قوياً، في مُقاربة واشنطن لملف الإسلام السياسي.

كما برزت مواقف سياسية فرنسية تدعو الحكومة إلى دراسة اتخاذ إجراء مُشابه، بما يعني احتمالية أن تتحرّك باريس في اتجاه تشديد تشريعي أو تنظيمي على فروع مرتبطة بحركات الإسلام السياسي.

ويُطالب العديد من السياسيين الفرنسيين، الجمعية الوطنية الفرنسية (مجلس الشيوخ والبرلمان) بسنّ قانون جديد لمُكافحة الإرهاب، على غرار المعمول به في النمسا منذ نحو 5 سنوات، والتي تُعتبر أوّل دولة أوروبية تحظر جماعة الإخوان الإرهابية.

حزم استراتيجي

واعتبرت صحيفة “لو فيغارو”، أنّ توقيع ترامب للمرسوم “إشارة جدّية إلى إعادة رسم خطوط التعامل مع الحركات المُرتبطة بالإسلام السياسي”، مُشيرة إلى أنّ التركيز على فروع محددة من الإخوان هو “مُقاربة واقعية”، تستهدف الكيانات الأكثر ارتباطاً بالعنف والإرهاب أو الشبكات العابرة للحدود.

 

La confrérie des Frères musulmans porte le projet d’un islam politique conservateur. →https://t.co/h83QKDP5kW pic.twitter.com/urSUSYiQe6

— Le Figaro (@Le_Figaro) November 25, 2025

 

وأما “لو باريزيان”، فأبرزت الجانب الأمني والمالي للقرار، ووصفت الخطوة بأنّها “إجراء يحظى بتأييد أوساط واسعة في الولايات المتحدة”، يُتيح للحكومة تشديد الرقابة على التمويل الخارجي والشبكات العابرة للقارات، وهو ما رأت أنّه تطوّر مُهم في بيئة دولية تتصاعد فيها التحدّيات المُرتبطة بالتطرّف العنيف.

 

Donald Trump va désigner les Frères musulmans comme « organisation terroriste »
➡️ https://t.co/c9uJkRfhgl pic.twitter.com/YMmGGWwTp5

— Le Parisien (@le_Parisien) November 24, 2025

 

وفي السياق نفسه، رأت يومية “20 دقيقة” ذات الانتشار الواسع، أنّ إطلاق العملية “يعكس إرادة سياسية واضحة” لدى إدارة ترامب، لإعادة تصنيف الفاعلين المُرتبطين بالإسلام السياسي وفق معايير أكثر صرامة، مُعتبرة أن توقيت القرار “لا يخلو من بُعد استراتيجي”، مع تزايد النقاشات الدولية حول دور الحركات المُرتبطة بالإخوان.

وعنونت “ليكسبرس” تقول: “جماعة الإخوان في مرمى نيران دونالد ترامب”، مُشيرة إلى أنّ فروع الإخوان في لبنان والأردن ومصر ستُعتبر قريباً “منظمات إرهابية أجنبية”.
رسالة إلى الحلفاء الأوروبيينوبدورها، قدمت صحيفة “لو موند” قراءة تحليلية ركّزت على البُعد الجيوسياسي، إذ اعتبرت أنّ الخطوة لا تقتصر على الساحة الأمريكية، بل تُمثّل “رسالة إلى الشركاء الأوروبيين” بأنّ واشنطن تتجه نحو سياسة أكثر تشدداً تجاه التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود، التي تعمل تحت مظلة الإخوان.

وأشارت إلى أنّ ذلك قد يفتح نقاشاً داخل دول أوروبية مثل فرنسا وألمانيا، حيث يتزايد الجدل حول تأثير التنظيم الإرهابي في بعض الأوساط الاجتماعية والدينية، وحتى السياسية.

ومن جهتها أشارت “لأوريان لوجور” الناطقة بالفرنسية من الشرق الأوسط، إلى أنّ القرار الأمريكي “قد يُسهّل على بعض الحلفاء الأوروبيين إعادة تقييم موقفهم”، خاصة مع اتّساع النقاش في فرنسا حول شبكات اجتماعية، ومؤسسات يُشتبه بارتباطها بمرجعيات فكرية قريبة من الإخوان.

وفي ذات الصدد، تُراهن “لا كروا” على أنّ خطوة كهذه قد تُشكّل ضغطاً إضافياً على الحلفاء الأوروبيين والبلدان العربية التي لديها فروع للإخوان، ما يفتح الباب أمام إعادة تقييم العلاقات السياسية والدينية مع تلك الفروع.

وتتوقّع الصحيفة الفرنسية أنّ الولايات المتحدة قد تضغط على الدول الأخرى لتبنّي مواقف مُشددة، داعية إلى ضرورة وضع معايير قانونية واضحة لكيفية تصنيف جماعة أو فرع كمنظمة إرهابية.

نحو تبنّي نهج مُشابه

وعلى المستوى السياسي، برزت في فرنسا مواقف تُشيد بخطوة ترامب، حيث دعا نواب من أحزاب يمينية ويمينية وسطية إلى أن تدرس باريس بجدّية إصدار تشريع أو لائحة تصنيف خاصة بالإخوان.

وشدّدت بعض الأصوات، على أنّ القرار الأمريكي يُثبت أنّ التعامل مع الإخوان يجب أن يكون على أساس واقعي، حيث أنّ الجماعة تمتلك في أوروبا واجهات قانونية واجتماعية تخدم مشروعاً سياسياً عابراً للحدود.

كما يدعو عدد من البرلمانيين إلى تحقيق مُوسّع حول جمعيات ومؤسسات تعليمية ودينية، قالوا إنها قد تكون مُتأثرة بفكر الإخوان، مؤكدين أنّ التحرّك الأمريكي “يُعطي زخماً إضافياً” لهذا الملف في الساحة الفرنسية.

ودأب لوران ووكييز، القيادي في حزب “الجمهوريون”، على الدعوة إلى “تصنيف جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية”، مُؤكّداً أنّ ذلك سيسمح بحلّ المنظمات التابعة لهم داخل فرنسا، وإغلاق بعض المراكز الدينية التي تخضع لتأثير الجماعة وتدعو للتشدّد والتطرّف.

كما حذّر زعيم الحزب برونو ريتايو، وزير الداخلية السابق، من أنّ جماعة الإخوان تُشكّل تهديداً طويل الأمد لقيم الجمهورية الفرنسية.

أصداء واسعة

وشهدت منصّات التواصل الاجتماعي، تفاعلاً لافتاً عقب إعلان ترامب بدء إجراءات تصنيف بعض فروع الإخوان كمنظمات إرهابية، حيث عبّر عدد من الفرنسيين عن تأييد صريح للخطوة، مُطالبين حكومتهم باعتماد مسار مماثل.

وتساءل بعضهم بحدّة “لكن ماذا تنتظر الدولة الفرنسية لتفعل الشيء نفسه؟ إنها إشارة سهلة لتهدئة حماسة الإسلامويين في بلدنا”. ورأى كثيرون أنّ ما أقدم عليه ترامب “صحيح تماماً”، وذهب آخرون إلى أبعد من ذلك، مؤكدين أنّ الفرنسيين لطالما دعوا باريس، وكذلك بروكسل، إلى حظر الجماعة وتصنيفها إرهابية، مُعتبرين أنّ الاستجابة لهذه المطالب ستكون خطوة أولى نحو استعادة السلم الاجتماعي”.

وتعكس هذه التفاعلات توجّهاً شعبياً مُتنامياً في فرنسا، يرى في قرار واشنطن نموذجاً يُمكن أن يحفّز دولاً أوروبية على تبنّي مواقف أكثر صرامة، تجاه التنظيمات المُرتبطة بالإخوان.

 

Donald Trump souhaite désigner certaines branches des Frères musulmans comme “organisations terroristes étrangères” https://t.co/EP7LDlanFE

— franceinfo (@franceinfo) November 24, 2025

 

 

شاركها.