كشفت منظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “الأونكتاد” في تقريرها الجديد لعام 2025 أن الأرض الفلسطينية المحتلة تشهد حاليا أعمق أزمة اقتصادية في تاريخها المسجل، واصفة الوضع في قطاع غزة بالانهيار “غير المسبوق والكارثي” الذي قضى على عقود من التقدم وجعل المنطقة في مواجهة دمار طويل الأمد.
أوضح التقرير، وفقا للبيانات الصادرة يوم الثلاثاء في جنيف، أن الناتج المحلي الإجمالي في غزة انهار بنسبة 83% خلال عام 2024 مقارنة بالعام السابق، مما أدى إلى انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي إلى 161 دولارا أمريكيا فقط سنويا، أي أقل من نصف دولار يوميا، وهو معدل يعد من بين الأدنى في العالم، مشيرا إلى أن اقتصاد غزة انكمش ليصبح حجمه الآن 13% فقط مما كان عليه في عام 2022.
أضاف منسق برنامج الأونكتاد لدعم الشعب الفلسطيني، معتصم العجراء، أن معدل البطالة في غزة يتجاوز الآن 80%، مؤكدا أن الانهيار كان شديدا لدرجة أنه قضى على سبعة عقود من التنمية البشرية، ليعود نصيب الفرد من الناتج المحلي إلى مستويات ما قبل 22 عاما، ووصف الوضع بأن “الفقر متعدد الأبعاد يبتلع جميع سكان غزة” في أسوأ أزمة اقتصادية مسجلة في العقود الأخيرة.
أشار نائب أمين عام الوكالة الأممية، بيدرو مانويل مورينو، إلى أن الضفة الغربية تشهد هي الأخرى أسوأ انكماش اقتصادي لها على الإطلاق، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 17% وتراجع دخل الفرد بنحو 19%، مرجعا ذلك إلى تضافر عوامل أعاقت الاقتصاد لعقود، أبرزها انعدام الأمن، توسع المستوطنات، فقدان الوصول إلى 60% من أراضي الضفة، وحجب التحويلات المالية التي وضعت الحكومة الفلسطينية في أسوأ وضع مالي في تاريخها.
حذر المصدر ذاته من الخسائر الفادحة في رأس المال البشري، مبينا أن تدمير جميع المدارس والجامعات في غزة وحرمان الأطفال من التعليم لأكثر من عامين سيلحق الضرر بالمجتمع لأجيال قادمة، حيث اعتبرت المنظمة أن التعليم والمهارات وقاعدة التنمية البشرية بأكملها قد تحطمت، مما أعاد غزة “جيلا كاملا إلى الوراء”.
أكدت الأونكتاد في تقريرها أن القطاع الزراعي في غزة أصيب بشلل شديد، إذ تضرر 86% من الأراضي الزراعية ولم يتبق سوى 1.5% منها صالحة للاستخدام، كما دمرت الغالبية العظمى من آبار المياه والدفيئات ومرافق الصرف الصحي، مما يستدعي تدخلا دوليا واسع النطاق لمعالجة تلوث التربة بالمتفجرات.
شددت التقديرات المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي على أن إعادة إعمار غزة ستتطلب أكثر من 70 مليار دولار، حيث أوضح العجراء أن استعادة مستوى النشاط الاقتصادي السابق ستستغرق عقودا حتى في أكثر السيناريوهات تفاؤلا، لافتا إلى أن إزالة الأنقاض وحدها قد تستغرق 22 عاما، وأن التعافي الاقتصادي مستحيل دون وقف إطلاق نار دائم وتدفق حر للمساعدات ومواد البناء.
المصدر: العمق المغربي
