كل مرة نعتقد فيها أن الجزائر قد بلغت قمة الانحطاط، تصدمنا بانحطاط أكبر وأعظم؛ مما يدل على أن سفاهة الكراغلة ليس لها حدود، وأن دائرة إبداعاتها في مجال الصفاقة والتفاهة حتى وإن كان مركزها في قصر المرادية، فشعاعها أطول من طول الكون على اتساعه؛ هذا ما أقرّ به الكوميدي الجزائري المقتدر السيد فِلاج، قبل ثلاثين سنة، بأن شعوب العالم حينما تصل إلى القاع تصعد من جديد؛ إلا الجزائريين، فهم حينما يصلون إلى القاع يستمرون في الحفر.

إن المتتبع الحصيف لمهزلة زيارة الرئيس “تبون”، قبل ثلاثة أيام، لولاية “قسنطينة” وهو مرتديا للسترات الواقية من الرصاص، ومُدججا بأكثر من فيلق عسكري، ومحاطا بمئات الأفراد من القوات الخاصة والاستخبارات والشرطة والدرك الحربي، ومدعوما جوا بمروحيات قتالية جاهزة لمعركة لقائه بالمواطنين يعلم علم اليقين عن خبرة وتجربة، بأن هذه العصابة؛ رغم كل هذا الانحطاط، لم تبلغ نهايته بعد؛ لكن في الوقت ذاته، لا يستطيع أن يتخيل انحطاطا أفظع منه، وهو ما ستفاجئنا به العصابة، بدون شك، في قادم الأيام.

لقد بات مشهد الرئيس “تبون”، وهو يُقَبل رأس طفل بعدما نزع عنه “كاسكيطا” متناهية في الصغر، وجعلها على رأسه المتناهي في الضخامة والشساعة، مشهدا يدعو إلى الشفقة والاشمئزاز أكثر من أي شيء آخر، كما أنه يطرح أكثر من سؤال، ويثير أكثر من علامة تعجب عن الأسباب الحقيقية وراء هذا المشهد غير المفهوم، والغارق في الشعبوية والسفالة والدناءة؛ ولعل السبب الحقيقي وراء ذلك، هو محاولة التستر عن تصويت الجزائر في مجلس الأمن على قرار يقضي بنزع سلاح المقاومة، وجعلِ “غزة” تحت احتلال قوة دولية ترأسها أمريكا. 

بعد تصريح “أحمد عطاف” بأنه لا يعترف ببيان فصائل المقاومة الذي دعا فيه الجزائر إلى معارضة القرار المشؤوم، وبعد سقوط القناع عن القناع، كما قال “محمود درويش”، كان لزاما أن تتحرك الآلة الخبيثة “لرعي” الجزائريين الذين لهم قابلية “للرعي”، بما يصح وما لا يصح، خصوصا وأن هذه العصابة لا تسود إلا بالأكاذيب والأباطيل، ولا تحكم إلا بالشعارات الفارغة من كل مضمون، من قبيل شعار “مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”، ومتى سقطت هذه الشعارات سقط معه قصر المرادية إلى غير رِجعة.

إن “غزة” الصامدة في قلوب مليار مسلم ونصف المليار، ومقاومتها الباسلة شرف الأمة ورداء كرامتها، ولن تستطيع “كاسكيطا” طفل صغير أن تجعل “غزة” تختفي من الوجود؛ حتى ولو كان من يملك هذه القبعة أعتى ساحر من سحرة فرعون، خصوصا إذا دنسها رأس أهبلٍ سكِّير، من قبيل عمي “تبون”.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.