شهد قطاع الدواجن في الآونة الأخيرة انخفاض أسعار الدجاج الحي، إذ انتقلت من 25 درهما خلال الفترة الصيفية إلى حدود 15 درهما في عدد من المحلات التجارية بالمدن الكبرى، مع تسجيل تباينات بسيطة بين منطقة وأخرى تبعا لعوامل العرض والطلب.
وأشار مهنيون في قطاع الدواجن إلى أن هذا الانخفاض يعكس وفرة الإنتاج خلال المرحلة الحالية، وهو ما أدى إلى ضخ كميات كبيرة من الدجاج الحي في الأسواق، الأمر الذي ساهم في تقليص الأسعار، خصوصا في المدن التي تعرف استهلاكا مرتفعا، مقابل استمرار تفاوتات محدودة في بعض الجهات نتيجة اختلاف تكاليف النقل ومدى توفر الضيعات المنتجة.
وأكد متتبعون للقطاع أن تراجع الأسعار يقدم متنفسا مهما للمستهلكين بعد فترة الغلاء، معتبرين أن استمرار العرض الوفير قد يساهم في الحفاظ على مستويات سعرية مستقرة في المدى القريب، بينما تواصل المحلات التجارية تعديل أثمانها تبعا للحركية اليومية في مختلف الأسواق الوطنية.
إنتاج الكتاكيت
عبد الكريم القدوري، الكاتب المحلي لفرع الدواجن في النقابة الوطنية للتجار والمهنيين بخريبكة، قال إن “أثمان الدجاج الحي شهدت انخفاضا كما كان متوقعا”، موضحا أن “هذا التراجع يأتي بعد فترة من الارتفاع، قبل أن يستعيد السوق توازنه تدريجيا”.
وأضاف القدوري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “السبب الأساسي والأهم في الانخفاض هو ارتفاع عدد الكتاكيت بشكل ملحوظ”، مذكرا بأنه “سبق التأكيد، خلال مرحلة الغلاء، على أن عدد الكتاكيت كان دون المعدل المطلوب، وهو ما ساهم آنذاك في الضغط على الأسعار”.
وفي عرضه المعطيات الرقمية المرتبطة بشهر أكتوبر المنصرم أوضح المتحدث ذاته أن “المعدل المطلوب عادة هو 10 ملايين كتكوت تقريبا”، مشيرا إلى “تسجيل ارتفاع ملحوظ في الإنتاج في الآونة الأخيرة، إذ بلغ العدد 10 ملايين و779 ألفا و500 في الأسبوع الأول، قبل أن يرتفع إلى 11 مليونا و315 ألفا في الأسبوع الموالي”.
وتابع المهني نفسه بأن “الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر عرف مزيدا من الارتفاع، إذ بلغ العدد 11 مليونا و531 ألفا”، مبرزا في السياق نفسه أن “أسعار الكتاكيت عرفت بدورها تراجعا مهما، إذ وصل ثمن الكتكوت في الحاضنات إلى 5 دراهم، وفي السوق السوداء إلى 5.50 دراهم، ما يعكس وفرة في العرض وانخفاضا في الكلفة”.
وختم عبد الكريم القدوري تصريحه بتأكيد “وجود ترقب لاستمرار هذا الانخفاض خلال الأسابيع المقبلة، رغم بعض الصعوبات التي يواجهها مربو الدواجن حاليا بفعل العوامل المناخية وموجة البرد وظهور بعض الفيروسات”، مضيفا أن “تأثير هذه العوامل محدود جدا، وتوقّع استمرار هذا الانخفاض هو السمة الغالبة على السوق”.
تراجع ظرفي
رضوان زويتني، عضو الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، قال إن “قطاع الدواجن سجّل انخفاضًا ملحوظًا في الأسعار في الأيام الأخيرة، في ظل ارتفاع العرض مقارنة بالطلب”، مضيفا أن “المربين وجدوا أنفسهم أمام كميات كبيرة من الدجاج تستهلك العلف دون أن تحقق زيادة كافية في الوزن، ما دفعهم إلى إخراج الدجاج إلى السوق دفعة واحدة مع ضرورة خفض الأسعار”.
وأشار زويتني، في تصريح لهسبريس، إلى أن “هذا التراجع المسجّل حاليًا يبقى ظرفيًا، إذ إن مستوى الإنتاج الحالي لا يمكن أن يستمر بالوتيرة نفسها بسبب غياب دعم مباشر للمربين، الذين يواجهون تكاليف مرتفعة تتعلق بالأدوية واللوازم ومصاريف الضيعات”، موضحًا أن “أصحاب الضيعات يفرضون اليوم على ‘الكسّاب’ درهمًا إلى درهمين عن كل كتكوت بدل مبالغ سنوية كانت في حدود 80 ألفا أو 90 ألف درهم”.
وزاد المتحدث ذاته أن “من بين الإكراهات المؤثرة في السوق الارتفاع المتذبذب لأسعار الكتكوت، الذي قد يصل في بعض الفترات إلى 13 درهمًا، وهو ما يرفع كلفة الإنتاج ويؤثر بشكل مباشر على أسعار الدجاج الموجه للمستهلك النهائي”، مؤكدًا أن “المهنيين يجدون أنفسهم مضطرين للتعامل مع تقلبات غير مستقرة في سلسلة الإنتاج”.
ومن جانب آخر نبّه الحقوقي ذاته إلى أن “القطاع يعاني أيضًا من ممارسات غير سليمة لدى بعض المربين، إذ يلجؤون إلى استعمال نشارة الخشب كفراش للدجاج في الضيعات، وهي خطوات غير صحية يمكن أن تخلّف أمراضًا للكتاكيت التي تتناولها مع العلف، من بينها مشاكل في الأمعاء أو المعدة، ما يزيد من هشاشة الإنتاج وجودته”.
واعتبر عضو الجامعة المغربية لحقوق المستهلك أن “هذه الوضعية تستدعي تدخلًا صارمًا من المصالح المعنية”، موردا أن “الهدف الأساس هو توفير لحوم بيضاء سليمة وذات قيمة غذائية جيدة، عبر ضمان شروط إنتاج نظيفة وخالية من الأمراض، واعتماد علف سليم يوفر البروتين اللازم دون أي تأثيرات سلبية على صحة المستهلك”.
المصدر: هسبريس
