أمد/ المتابع للمشهد الإسرائيلي الفلسطيني خلال الأيام الماضية من وقف إطلاق النار والحرب القذرة على قطاع غزة، لاحظ ثلاث عوامل تؤجج النار تحت رماد الاتفاق الصفقة للعودة لدوامتها (الحرب)، أولا أن حكومة الائتلاف الإسرائيلي بزعامة بنيامين نتنياهو سعت خلال الشهر والنصف الماضية لإشعال فتيل الإبادة مجددا على الشعب الفلسطيني، وخرقت وقف إطلاق النار عشرات المرات، واسقطت عشرات الشهداء والجرحى من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وواصلت عمليات التدمير المتعمد لمنازل المواطنين في مدن القطاع المختلفة من رفح جنوبا حتى بيت حانون وبيت لاهيا شمالا، ونكثت بالالتزام باستحقاق خطة الرئيس ترمب، التي أضحت يوم الاثنين 17 تشرين ثاني / نوفمبر الحالي محتوى قرار مجلس الامن الدولي 2803، في محاولة منها لتحقيق الأهداف التي لم تتمكن من تحقيقها على مدار العامين السابقين 2023 2025 من الحرب الهمجية تحت غطاء وقف إطلاق النار بذرائع واهية وكاذبة؛ ثانيا كما أن حركة حماس لم تلتزم بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وسعت مرارا عديدة لاستفزاز الجيش الإسرائيلي، ومنحته العديد من الذرائع لمواصلة عمليات القتل والتدمير، مرة بالتباطؤ والتأجيل المتعمد للإفراج عن الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لديها ولدى حلفائها، ومرة برفض الالتزام بتسليم ما تبقى من السلاح للسلطة والأجهزة الأمنية الفلسطينية أو لمصر الشقيقة، ومرة بإطلاق النار في أكثر من موقع، بهدف تحسين موقعها في المشهد داخل قطاع غزة، من خلال تعطيل الوصول والبدء بالمرحلة الثانية من الاتفاق الخطة، ولقطع الطريق على تسلم منظمة التحرير والحكومة الفلسطينية ولايتها السياسية والقانونية على قطاع غزة، كونها صاحبة الولاية الأساسية اٍسوة بالضفة بما فيها القدس الشرقية؛ ثالثا تواطؤ الإدارة الأميركية نفسها صاحبة الخطة مع انتهاكات وجرائم إسرائيل المتواصلة، بذريعة أن هذا من “حقها”، وعدم استخدام نفوذها لإلزام أداتها الإسرائيلية باستحقاقات وقف إطلاق النار، ومرة بالسماح لميليشيات حركة حماس بتولي المسؤولية الأمنية على القطاع وارتكاب المزيد من الانتهاكات ضد أبناء الشعب في القطاع، ولم تكن تلك الخطوات بريئة أو عفوية، انما مقصودة لإطلاق يد الحكومة الإسرائيلية لتحقيق أهدافها، وهي أهداف مشتركة إسرائيلية أميركية.
ومع ذلك، لم يعد مسموحا لعودة نيران الحرب مجددا في القطاع، وعلى الأطراف الضامنة المصرية والقطرية والتركية مع الإدارة الأميركية والعالم أجمع التدخل للضغط على الأطراف الثلاثة وخاصة إسرائيل للالتزام بوقف إطلاق النار، والذهاب للمرحلة الثانية من خطة ترمب قرار مجلس الامن الدولي، وإنقاذ الشعب الفلسطيني من ويلات وفظائع العامين الماضيين، والدفع بتطبيق النقاط الأخرى من الصفقة، وقف التهجير القسري، وإدخال المساعدات الإنسانية كافة من مختلف المعابر الخمسة، والشروع بإعادة الاعمار، وتولي اللجنة الإدارية التكنوقراطية الفلسطينية لمسؤولياتها في القطاع تحت اشراف الحكومة الفلسطينية…الخ
لكن حركة حماس أمس السبت 22 نوفمبر الحالي، أبلغت كل من ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي الخاص، وصهره جارد كوشنير، بأن الاتفاق القائم قد “انتهى”، وإن الحركة باتت “مستعدة للقتال، حسب مصادر خاصة لقناة العربية. وأضافت حماس لممثلي الولايات المتحدة، أن أي وقف لإطلاق النار مستقبلا يجب ان يكون “من الجانبين”، مؤكدة أن “غزة لن تكون لبنان”. غير أن مصدر قيادي من حماس أبلغ “قناة الجزيرة” أمس السبت، أبلغنا الوسطاء في اتصالات بغضبنا من استمرار العدوان، رغم التزامنا والفصائل بالاتفاق، وطالبنا الوسطاء بالتدخل الفوري للحيلولة دون انهيار الاتفاق وفق ما يريد الاحتلال الإسرائيلي.
واعتقد أن مصدر قناة الجزيرة جاء لتعديل ما نقله مصدر قناة العربية، تفاديا من تحمل المسؤولية أمام الشعب والقيادة الفلسطينية والدول الضامنة والقيادة الأميركية والعالم الداعم لقرار مجلس الأمن الدولي. لا سيما وأنها لا تملك القدرة على المواجهة، ولا على تحمل تبعات المواقف العنترية غير المسؤولة. وبالتالي تهديد حركة حماس لا يجدي، وليس لديه أي رصيد في الواقع، وخشية من وقوع بعض تيارات حماس في التورط مجددا مع الخيار الإسرائيلي الهادف لإشعال فتيل الحرب الواسعة، مطلوب من الشعب والفصائل المتساوقة مع حماس والقيادة الفلسطينية والضامنين العرب والمسلمين الضغط على قيادة الحركة للكف عن الحماقات والاخطار المجنونة، وردود الفعل العبثية. لأنها بذلك تعطي إسرائيل الذريعة التي تبحث عنها.
