كشف تقرير جديد لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أن التقدم الذي تم إحرازه بشق الأنفس على مدى عقود للحد من فقر الأطفال حول العالم بات مهددا بالانهيار، وذلك بفعل تقارب ثلاث أزمات حادة تتمثل في انتشار النزاعات المسلحة، وتفاقم التغير المناخي، وأزمة التمويل العالمي والديون المتصاعدة.

وأوضح التقرير، الذي حمل عنوان “حالة أطفال العالم 2025″، أن هذه الأزمات المتشابكة تدفع بمئات الملايين من الأطفال إلى حافة الحرمان، وتضعف قدرة العالم على بناء المستقبل الذي يستحقونه، محذرا من أن ما يقرب من 412 مليون طفل يعيشون بالفعل في فقر نقدي مدقع، بينما يعاني 417 مليون طفل آخر من حرمان شديد في اثنتين على الأقل من ضروريات الحياة الأساسية.

وأوضح المصدر أن هذا الحرمان الشديد يشمل أساسيات مثل التعليم، والصحة، والسكن اللائق، والتغذية السليمة، والصرف الصحي، والمياه النظيفة، وهي حقوق أساسية ينتهك الفقر استحقاق الأطفال لها.

واستشهد التقرير بقصة الطفلة “أستريد” البالغة من العمر 12 عاما من جمهورية الكونغو الديمقراطية، والتي اضطرها مرض والدها إلى ترك المدرسة والعمل في ظروف بالغة الخطورة في مناجم النحاس غير المنظمة مقابل دولارين فقط في اليوم، كنموذج حي يوضح كيف يمكن للصدمات الاقتصادية أن تدمر مستقبل الأسر وتلقي بالأطفال في أتون الاستغلال والحرمان.

وفصل التقرير في أبعاد هذه الأزمات الثلاث، مشيرا إلى أن العنف المسلح يؤثر اليوم على ضعف عدد الأطفال مقارنة بما كان عليه الوضع قبل ثلاثة عقود، حيث يؤدي إلى تشريد الأسر وتدمير المدارس وتعميق جذور الفقر. وأضاف المصدر أن أزمة المناخ تتفاقم بوتيرة متسارعة، إذ يعيش بالفعل مليار طفل في بلدان معرضة لخطر شديد للغاية من آثاره المدمرة كالجفاف والفيضانات، ويقع العبء الأكبر على المجتمعات الهشة التي تكافح أصلا للخروج من دائرة الفقر.

وتابع التقرير أن أزمة التمويل والديون تشكل الضلع الثالث لهذا التهديد، حيث أدت التخفيضات غير المسبوقة في مساعدات التنمية إلى تقليص الخدمات الحيوية، كما أن أعباء الديون الخارجية تجبر العديد من البلدان منخفضة الدخل على الاختيار المرير بين سداد ديونها أو الاستثمار في أطفالها، وفي كثير من الحالات، تتجاوز مدفوعات فوائد الديون الإنفاق المخصص لقطاعي الصحة والتعليم مجتمعين.

وحذر المصدر من أن هذه الأزمات تغذي بعضها البعض في حلقة مفرغة، فالكوارث المناخية تؤجج النزاعات على الموارد الشحيحة، والنزوح الناجم عنهما يزيد من الضغط على الخدمات، وتخفيض المساعدات يدفع الدول إلى مزيد من الاقتراض.

ورغم هذه الصورة القاتمة، لفت التقرير إلى أن القضاء على فقر الأطفال ليس مهمة مستحيلة، بل هو خيار يتعلق بالإرادة والأولويات. وأشار المصدر إلى أن العالم قد حقق بالفعل خطوات واسعة، حيث انخفض معدل الحرمان الشديد بين الأطفال بمقدار الثلث منذ عام 2000، وتراجع عدد الأطفال الذين يعيشون في فقر نقدي مدقع من 507 مليون إلى 412 مليون.

وأكدت المديرة التنفيذية لليونيسف، كاثرين راسل، في مقدمة التقرير، أن هذه المكاسب أصبحت هشة ونافذة حمايتها آخذة في الانغلاق. وخلصت اليونيسف في تقريرها إلى أن الحل لا يكمن في ندرة الموارد، بل في تحديد الأولويات، مجددة دعوتها لجعل الاستثمار في الأطفال وإنهاء فقرهم التزاما عالميا مشتركا لا يمكن التهاون فيه.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.