أمد/ جوهانسبرغ: اعتمد قادة مجموعة العشرين يوم السبت، إعلاناً يتناول أزمة المناخ والتحديات العالمية الأخرى، رغم اعتراضات الولايات المتحدة، مما دفع البيت الأبيض إلى اتهام جنوب إفريقيا باستغلال قيادتها للقمة هذا العام.

وقال فنسنت ماجوينيا، المتحدث باسم رئاسة جنوب إفريقيا للصحافيين بأن البيان، الذي صيغ دون مساهمة من الولايات المتحدة، “لا يمكن إعادة التفاوض عليه”، مما يعكس التوترات بين الجانبين، لا سيما أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قررت مقاطعة القمة.

وأضاف: “لقد عملنا طوال العام من أجل هذا التبني، وكان الأسبوع الماضي حافلاً بالنشاط”.

وقال رونالد لامولا، وزير الخارجية جنوب أفريقيا، في مؤتمر صحفي على هامش قمة مجموعة العشرين في جوهانسبرغ، إن اعتماد إعلان قادة مجموعة العشرين يُعتبر “انتصارًا للتعددية” وجسرًا يربط بين الشمال والجنوب العالميين.

وأوضح أن الوثيقة تتضمن تدابير تقدمية بشأن تمويل المناخ والمعادن الأساسية والقيمة المضافة من المصدر، وهي أمور أساسية لأفريقيا، التي تمتلك 30% من المعادن  الضرورية للذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الخضراء، وصناعات المستقبل.

وأشار كبير الدبلوماسيين إلى أن الإعلان يستند إلى أربع أولويات رئيسية: تعزيز القدرة على مواجهة الكوارث، ضمان استدامة ديون الدول منخفضة الدخل، تعبئة التمويل من أجل انتقال عادل للطاقة، والاستفادة من المعادن الأساسية لتحقيق نمو شامل وتنمية مستدامة.

وأضاف لامولا أنه بعد القمة، وقّعت 50 دولة أفريقية الاتفاق، مما يمهّد الطريق لتنفيذ مخرجات رئاسة جنوب أفريقيا التاريخية لمجموعة العشرين، وهي الأولى التي تُعقد على أرض أفريقية.

وبعد ساعات، اتهم البيت الأبيض رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا بأنه “يرفض تسهيل انتقال سلس لرئاسة مجموعة العشرين” بعد أن قال في البداية إنه سيسلم الرئاسة إلى “كرسي فارغ” في ظل مقاطعة إدارة ترامب.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض آنا كيلي: “هذا، إلى جانب سعي جنوب إفريقيا لإصدار بيان قادة مجموعة العشرين، على الرغم من الاعتراضات الأميركية المستمرة والقوية، ما يؤكد على أنهم استخدموا رئاستهم لمجموعة العشرين كسلاح لتقويض المبادئ التأسيسية للمجموعة”.

وأضافت أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتطلع إلى “إعادة الشرعية إلى مجموعة العشرين في العام الذي تستضيف فيه الولايات المتحدة قمة العشرين عام 2026”.

وكان رامافوزا، مُضيف اجتماع قادة مجموعة العشرين في جوهانسبرج هذا الأسبوع، قد صرّح في وقت سابق بوجود “إجماع ساحق” على بيان القمة، لكن الأرجنتين، التي يرأسها خافيير ميلي وهو حليف ترامب، انسحبت قبيل اعتماد مسودة النص، وفقاً لمسؤولين من جنوب إفريقيا.

وقال وزير خارجية الأرجنتين بابلو كويرنو خلال القمة: “مع أن الأرجنتين لا تستطيع تأييد البيان، إلا أنها لا تزال ملتزمة تماماً بروح التعاون التي ميّزت مجموعة العشرين منذ انطلاقها”.

وفي معرض توضيحه، قال كويرنو إن “الأرجنتين قلقة بشأن كيفية إشارة الوثيقة إلى القضايا الجيوسياسية”.

وأضاف: “إنها تتناول تحديداً الصراع طويل الأمد في الشرق الأوسط بطريقة لا تعكس تعقيداته بالكامل”.

وتشير الوثيقة إلى الصراع مرة واحدة، حيث تنص على أن الأعضاء يتفقون على العمل من أجل سلام عادل وشامل ودائم في الأرض الفلسطينية المحتلة.

وتعليقًا على غياب الأرجنتين عن الاجتماع الختامي للاتفاق على النص، قال المتحدث باسم رئاسة جنوب إفريقيا: “شاركت الأرجنتين بفعالية في جميع المداولات، لكن لم تحضر للمصادقة على البيان” معتبراً أن هناك ما يمكن الإطلاق عليه إجماعاً بشكل كافي.

إعلان توافقي

وقال مسؤول كبير في إدارة ترامب يوم الجمعة، إن “من التقاليد الراسخة لمجموعة العشرين إصدار مخرجات توافقية فقط، ومن المخزي أن تحاول حكومة جنوب إفريقيا الآن الخروج عن هذه الممارسة المعتادة”.

واستخدم البيان لغةً لطالما استاءت منها الإدارة الأميركية، إذ شدّد على خطورة تغيّر المناخ وضرورة التكيّف معه بشكل أفضل، مشيداً بالأهداف الطموحة لتعزيز الطاقة المتجددة، ومشيراً إلى المستويات العالية للديون التي تعاني منها الدول الفقيرة.

واعتبر البعض أن ذكر تغيّر المناخ في البيان الختامي يعد بمثابة استخفاف بالرئيس الأميركي، الذي يشكك في أن الاحتباس الحراري ناجم عن الأنشطة البشرية. وكان المسؤولون الأميركيون أشاروا إلى معارضتهم لأي إشارة إليه.

وفي كلمته الافتتاحية للقمة، قال رامافوزا: “يجب ألا نسمح لأي شيء بأن يقلل من قيمة ومكانة وتأثير أول رئاسة إفريقية لمجموعة العشرين”.

وكانت نبرته الجريئة متناقضة بشكل صارخ مع تواضعه خلال زيارته للبيت الأبيض في مايو، حيث تحمل ترامب وهو يكرر ادعاءً بحدوث إبادة جماعية للمزارعين البيض في جنوب إفريقيا.

وكان ترامب أعلن أن المسؤولين الأميركيين لن يحضروا القمة بسبب مزاعم مفادها أن حكومة الدولة المضيفة تضطهد الأقلية البيضاء.

تصاعد التوترات

وعُقدت القمة في وقتٍ تتصاعد فيه التوترات بين القوى العالمية بشأن حرب روسيا في أوكرانيا ومفاوضات المناخ الشائكة خلال مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP30) في البرازيل.

وصرحت ماكي كوباياشي، سكرتيرة الشؤون العامة بمجلس الوزراء الياباني لـ”رويترز”: “مع أن تنوع مجموعة العشرين يُمثل أحياناً تحديات، إلا أنه يُؤكد أيضاً على أهمية إيجاد أرضية مشتركة”.

وصرح وزير خارجية جنوب إفريقيا رونالد لامولا لهيئة الإذاعة والتلفزيون الجنوب إفريقية SABC: ” قمة مجموعة العشرين هذه لا تتعلق بالولايات المتحدة.. نحن جميعاً أعضاء متساوون في المجموعة.. ما يعنيه هذا أننا بحاجة إلى اتخاذ قرار.. لقد قرر الحاضرون هنا أن هذا هو المسار الذي يجب أن يسلكه العالم”.

وجددت رئاسة جنوب إفريقيا، السبت، رفضها لعرض الولايات المتحدة إرسال قائم بالأعمال الأميركي لتسليم رئاسة مجموعة العشرين.

وقال المتحدث باسم رئاسة جنوب إفريقيا: “لن يسلم الرئيس رئاسة مجموعة العشرين لمسؤول صغير في السفارة.. هذا خرق للبروتوكول، ولن نقبل به”.

وقال وزير خارجية جنوب إفريقيا في وقت لاحق إن بلاده سوف تضع دبلوماسياً بنفس رتبة القائم بالأعمال لتسليم رئاسة مجموعة العشرين للولايات المتحدة.

شاركها.