ليست حفلة غنائية وحسب، إنها ليلة خَفَقَ بها «نبض الكويت»، ليضخ الحب والطرب والفرح في قلوب الملايين…

إذ صدح صوت الفنان القدير نبيل شعيل بـ«موسم الرياض»، لينثر باقات زاهية الألوان من أغانيه الغنّاء، على مسرح «محمد عبده أرينا»، بمشاركة نجميّ الأغنية الطربية الشبابية مطرف المطرف وعايض يوسف، وبقيادة المايسترو مدحت خميس.

عامر ناصر وراني مصالحة يتسلمان جائزة الهرم الفضي بالإنابة عن طرزان وعرب ناصر عن فيلم «كان يا مكان في غزة»

وأتى الحفل الذي بثته شاشة تلفزيون «الراي» من إخراج أحمد الدوغجي، ليكتمل قمر الأفراح، الذي أضاء بنوره على مسيرة تمتد لأكثر من أربعين عاماً من العطاء، توجّها «بوشعيل» بضروب الطرب والغناء، تارة في الحب والعاطفة، وطوراً للكويت والإنسانية، فضلاً عن الأغاني المتفرقة في مضمار الرياضة، والتوعوية والاجتماعية، والقائمة طويلة.

وعلى نسمات الجو العليل، وفخامة الديكور، والإضاءة التي بدت كمجرة سحرية تلقي بألوانها الحمراء والزرقاء والصفراء، كان للطرب عنوان مختلف هذه المرة، فقد جمع الحفل جيلين مختلفين، أولاهما ينحاز إلى الزمن الجميل، وثانيهما يواكب الروح الشبابية، والأغنية الحديثة.

واسترجع الحفل «شريط الذكريات» لـ«نبض الكويت»، عندما بُثت على شاشة المسرح صور «بوشعيل» مع رفاق دربه وزملائه، تخللتها لقطات من أولى حفلاته وصولاً إلى يومنا هذا، ومقاطع من أغانيه القديمة والجديدة، أدتها فرقة «الكورال».

وما إن سمع الجمهور خطوات «بوشعيل» على خشبة المسرح، حتى تعالت الهتافات، واشتعل صخب الترحيب بالمدرجات، ليلقي التحية عليهم: «مساكم الله بالخير ويا هلا ومرحبا فيكم وشرفتونا اليوم وقواكم الله»، مضيفاً «إن شاء الله نقضي معكم ليلة جميلة، وهناك جدول معين خلال الحفل، وشيء مختلف بعد الاستراحة، وبنكون مبسوطين مع بعض».

«بوشعيل»، استهل وصلته بأغنية «سكة سفر» التي تعد أولى أغانيه الرسمية من إنتاج العام 1983، ليعلن عن انطلاق الرحلة إلى سماء الطرب، حيث الشمس التي لا تغيب.

وبعد انتهاء الأغنية، لم يُخفِ «بوشعيل» شعوره إلى اليوم بالقلق في بداية وصلته أمام الجمهور، بالرغم من خبرته الطويلة، إذ قال مازحاً: «مازلت خائفاً» وأضاف «بعدي ما اندمجت».

ثم طلب من جمهوره الغناء معه، في أغنية «راحت وقالت»، وبالفعل تعالت أصوات الحاضرين ليصبح الجمهور هو الكورال، فانطلق بعدها وابل من الهتاف والتصفيق من الجمهور، مطالباً بـ «لستة» طويلة من الأغاني، فأجابهم بعبارة طريفة: «ابشروا… تونا متعرفين على بعض»، ليلهب الحفل بأغنية «أنا يا أهل الرياض».

«شباب حلوين»

وكدأبه، في دعم الفنانين الشباب، لم ينسَ «بوشعيل» رفيقيه في الحفل، فقال: «اليوم معي اثنين من الشباب الحلوين، المطرف وعايض، وأعتبرهما عيالي»، وأضاف: «تبارك الرحمن، أصواتهما واعدة وناجحة وأنا من (فانزاتهم)»، ثم دعا عايض إلى المسرح وطلب من الجمهور أن يحييه.

وقال عايض فور دخوله: «أنا سعيد بينكم، وسعيد بتكريم فنان أسطورة، والوقوف معه».

«طبعاً غير»

وشدا عايض بأغنية «طبعاً يا حبيبي غير»، وكان تفاعل شعيل معه محفزاً للغاية، ليقدم عايض الأغنية بأجمل إحساس، وطلب استمرار الأغنية ليغني مع «بوشعيل»، الذي أشاد به أثناء الغناء: «طبعاً يا عايض أنت غير»، ليتشاركا أيضاً بأغنية «قولوا لها قلبي من العام مجروح».

كما غنى نبيل من روائعه الحزينة في الثمانينات «الله يا خوفي عليك»، أتبعها بـ«ندمان»، مطالباً الجمهور بالغناء معه في كل أغنية.

ثم قال: «الآن العزيز الغالي مطرف المطرف (بويوسف) حيوه»، ودخل المطرف ليقبّل رأس «نبض الكويت».

وقال المطرف: «مساكم الله بالخير جميعاً. سعيد جداً بهذه المناسبة الطيبة ليلة تكريم (نبض الكويت) فناننا الكبير يستاهل… والذي أثرى الفن بأعماله وأنا عشت معه ذكريات منذ الطفولة والمراهقة إلى يومنا هذا، وأنت تستاهل يا بوشعيل… تستاهل».

ثم أدى المطرف مع «بوشعيل» أغنية «لايق عليك لايق» التي حصدت نجاحاً كبيراً في الثمانينات، ليقدما «دويتو» لأغنية «شمسوي مع غيري».

هنا، طلب «بوشعيل» من الفريق التقني إغلاق الأضواء وتسليطها عليه والمطرف فقط، ليتحاورا غنائياً كما لو أن كليهما يسأل الآخر عن حبه بعد الفراق، وساد الظلام وسط هدوء الكلمات ودفء الإحساس.

«السامري»

واستكمالاً لليلة الاحتفاء بـ «نبض الكويت»، كان هناك توثيق لتصوير أغنية «ويلاه من قلب صبر» ذات اللون السامري، التي قدمها في العام 1988، وتم تصويرها في هذه الليلة مع رقصة السامري الكويتية.

كما قدم بعدها مجموعة أغنيات مثل «يا عسل»، «أحيان» و«أبنساكم»، ليختم هذه الليلة المبهجة بأغنية «ما أنساكم».

«الفصل الثاني»

انطلق الفصل الثاني بحماسة جماهيرية أكبر، وجاءت فكرته مختلفة، حيث ظهر نبيل شعيل ومطرف المطرف وعايض مرتدين الدشاديش البيضاء، في لمسة تعكس أجواء السمر الكويتية.

أمسك المطرف بالعود وبدأ الثلاثي بغناء «صادني بغرامه» من كاسيت نبيل شعيل لعام 1987، وسط جلسة حميمية شاركهم فيها الكورال.

ثم قدّموا ثاني أغنيات الفصل «جيتك أدور»، تلتها «اللي ماله أول أكيد ماله تالي». وكعادته بروحه المرحة، داعب نبيل الفنان عايض قائلاً: «تبي شاي؟».

بعدها قدّموا بإحساس عالٍ وإبداع لافت أغنية «أبي منه الخبر» لفنان العرب محمد عبده (1997)، ثم غنّى نبيل «ما أروعك» بأسلوب شعبي مختلف وأضاف إليها لمسات من الدنبك والعود والتصفيق «الشربكة».

ثم قال بو شعيل: «عن خاطري بقول لكم… في أغنية أحبها وكثير غنوها، وسأغنيها لكم الآن كهدية… وهي (عودك رنان)، للفنانة الأسطورة فيروز (1984)».

تلا ذلك تقديم أغنية «يا شمس لا تغيبي»، ثم وقف الثلاثي مع الكورال لأداء الأغنية الخليجية الوطنية «يا دار لا هنتي»، وشارك الجمهور في ترديد المقطع الأخير، قبل أن يحيّوا الفرقة الموسيقية والمايسترو، مختتمين الليلة بهذه الأغنية الوطنية المؤثرة.

«الكويتي سعودي… والسعودي كويتي»

بُثت رسالة صوتية لرئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه المستشار تركي آل الشيخ، مرحباً بالحضور وبفرسان هذه الليلة الاحتفالية، قائلاً: «من موسم الرياض يا أهلاً وسهلاً بكم جميعاً أهل الكويت الغاليين على قلوبنا. اليوم نحتفل بفنان تاريخي وفنان صوته عذب… أعطى الكثير للفن الخليجي والفن العربي، الأستاذ الكبير نبيل شعيل (نبض الكويت)، والذي نسعد ونفتخر اليوم بتكريمه في موسم الرياض».

وأضاف آل الشيخ: «دائماً وأبداً، الكويتي سعودي والسعودي كويتي… حفظ الله البلدين الشقيقين. إن شاء الله تقضون سهرة ممتعة ويستاهل بوشعيل».

من جهته، أكد الفنان نبيل شعيل أن المستشار تركي آل الشيخ كان على تواصل دائم معه بالتشجيع عبر رسائله الهاتفية، قائلاً: «تسلم يا بوناصر… وعلى فكرة هو أرسل لي رسالة يشجعني فيها، وهو الذي يعطيني الدافع. قواك الله وما قصرت. وبوناصر هو من أصر على إقامة هذه الليلة».

درع تكريمية

خلال الحفل، تم تكريم «بوشعيل» باسم الهيئة العامة للترفيه ممثلةً بالمستشار تركي آل الشيخ.

وجاء التكريم تتويجاً لمسيرته الممتدة لأكثر من أربعة عقود، حيث قدّم له أحمد المحمادي، نائب الرئيس التنفيذي في «جيا»، درعاً تكريمية تحمل كلمات جميلة وصورة كبيرة لـ«نبض الكويت».

«معاك إنت يا الأخضر»

من مفاجآت الحفل أن «بوشعيل» قدّم حصرياً أغنية رياضية جديدة للمنتخب السعودي بعنوان «معاك إنت يا الأخضر»، وعُرضت على الشاشة خلفه صور لاعبي ونجوم المنتخب. وبعد انتهاء الأغنية قال: «كل التوفيق إن شاء الله».

وقال «بوشعيل» قبل تقديمها «اليوم جايب لكم هدية من بلدي الكويت، من الملحن نواف عبدالله ومن الشاعر أحمد الصانع، ومن أخوكم المتواضع، أقدّمها للمنتخب السعودي المشارك في كأس العالم، وهذه الأغنية إهداء من الشعب الكويتي قاطبة، ومنا نحن القائمين عليها، ومن شركة روتانا والإخوان في روتانا، و(بوفواز) سالم الهندي الذي منحنا فرصة تقديم هذه الهدية المتواضعة للمنتخب الذي يمثل الخليج كله. وإن شاء الله فالهم الفوز… قولوا آمين».

البروفة الأخيرة… خلية نحل

كانت البروفة الأخيرة، التي سبقت الحفل، بمثابة خلية نحل، وتواجد فيها كل من الملحن نواف عبدالله وعبدالوهاب شعيل والشاعر أحمد الصانع.

المصدر: الراي

شاركها.