مع حلول الليل، تغرق شوارع كييف في ظلام شبه تام، فلا ينيرها سوى أطواق مضيئة مربوطة بأعناق كلاب يخرج بها السكان في المدينة التي يقطنها ثلاثة ملايين نسمة يتهيأون لشتاء يُخشى أن يكون الأقسى منذ بداية الحرب.
منذ بدء الغزو الروسي في فبراير 2022، تستهدف موسكو منظومة الطاقة الأوكرانية بشكل ممنهج، فقد كان شتاء 2022 صعباً جداً على الأوكرانيين الذين لم يكونوا مستعدين للهجمات الروسية على شبكة الطاقة.
لكن وتيرة الهجمات هذا العام ارتفعت بشكل ملحوظ، وامتدّت لتشمل منشآت الغاز أيضاً، في وقت يتردد في كييف مصطلح «الاستسلام» عقب طرح خطة سلام أميركية يُنظر إليها على أنها تصب في مصلحة الكرملين.
في 3 أكتوبر، تعرض قطاع الطاقة لأكبر هجوم منذ بدء الحرب، وتخشى السلطات أن يكون الشتاء الحالي الأسوأ، في ظل اعتماد غالبية المباني على شبكة تدفئة مركزية تعمل بالغاز.
وبحسب وسائل إعلام أوكرانية، فقدت البلاد نحو 60 % من قدرة إنتاج الغاز بسبب الضربات الروسية. وتؤكّد كييف امتلاكها مخزونات كافية للشتاء، لكن البعض يخشى أن تؤدي ضربات جديدة إلى توقف التدفئة بالكامل وسط درجات حرارة تحت الصفر.
ويرى كوستوف أن الوضع «مرهق قليلاً»، لكنه يضيف أن «الانقطاعات باتت جزءاً من حياتنا اليومية منذ بدء الحرب». ولم يجد بعد حلاً في حال توقفت التدفئة، مكتفياً بالقول «سنتحمّل»، قبل أن يهمس «أريد الذهاب إلى بالي» في إندونيسيا.
ويتلقى الأوكرانيون يومياً الرسالة ذاتها على منصة «تلغرام» من شركة الطاقة «أوكرينيرغو» والتي تقول أنه «بسبب الهجمات الروسية، سيتم تقنين الكهرباء في مناطق عدة». وتنشر الشركة جدولاً يومياً يراجعه السكان لتنظيم يومهم.
أصبح فولوديمير (66 عاماً) وتاتيانا (64 عاما) اللذان يعيشان في منزل صغير غرب كييف، يستيقظان ليلاً للاستحمام، أو تشغيل الغسالة، أو شحن البطاريات الاحتياطية حين تعود الكهرباء.
عند الساعة الثامنة مساء يومياً، يغرق حيّهما في الظلام، مع هدير المولدات ورائحة عوادمها.
ويؤكد فولوديمير بثقة، وربما بفخر، أنه مستعد للشتاء، قائلاً إن لديه بطاريات ومولّداً حرارياً، وقوارير غاز للطبخ، ومصابيح قابلة للشحن.
وإذا لم يكفِ ذلك، سيعتمد فولوديمير على مصابيح الكاز القديمة المعلّقة على الجدار وموقد الغاز المغطى بالغبار الموضوع على الشرفة.
ويضيف متحدياً «إذا لم يعد هناك غاز، لديّ الحطب. علينا إيجاد حلول، لا انتظار من يفعل ذلك عنا».
لكن تاتيانا تعترف أنها قلقة، خصوصاً على الأشخاص المسنين مثل عمتها البالغة من العمر 85 عاما وتقطن في شقة قد تُقطع عنها التدفئة.
المصدر: الراي
