أمد/ وقفة سريعة مع قصيدة “أيهذا الشاكي” للشاعر إيليا أبو ماضي

أيهذا الشاكي قصيدة إيليا أبو ماضي المشهورة وهي قصيدة موجه إذا صح التعبير، يبغي منها الشاعر تخفيف التوتر الذي يعيشه الكثيرين، السؤال ما هي نسبة التوتر في مجتمعنا ككل وفي مجتمعنا الصغير، ويا للعجب الذي يعجب منه العجب، ما ان ينشب نقاش او خلاف بسيط على أتفه الأسباب بين شخصين او مجموعتين حتى تُشحذ السكاكين ويلعلع صوت الرصاص وبعدها صوت زمور سيارة الإسعاف لينتشر التوتر في المنطقة، لهذه الحالة أسباب كثيرة، أولا إهمال البيت في تربية الأولاد وسياسة الإهمال من قبل مجتمعنا الاناني الذي يتعامل فيه الناس بشكل عام وفقًا ل ” حارة كل مين ايدو الو” كما عبر عنها الكميدان دريد لحام، لقد رأي الشاعر إيليا 

 أبو ماضي ذلك بوضوح وأبدع قصيدته، أشار إلى الخلل المنتشر، كم كنت أتمنى أن تغني هذه القصيدة مطربة كأم كلثوم لتنشر من خلالها القيم والأجواء البهيجة، يعرض الشاعر في قصيدته فلسفته ويدعو إلى التفكير العميق في الحياة وجمالها والنظر إليها بروح المحبة، ويدعو إلى التفاؤل دائمًا ويعود احيانًا ليوكد ما ذهب إليه بصيغة أخرى يقول في مطلع القصيدة:

أيّهذا الشّاكي وما بك داء/ كيف تغدو إذا غدوت عليلا؟

هكذا هو يطرح فكرته مستغربًا من المتذمرين من الحياة بدون سبب ويتسأل بقوله: كيف تغدو أن غدوت عليلا

وترى الشّوك في الورود، وتعمى*** أن ترى فوقها النّدى إكليلا

ويعود ليؤكد ما ذهب إليه

هو عبء على الحياة ثقيل*** من يظنّ الحياة عبئا ثقيلا

هكذا فان هذا العبء الثقيل يكمن اساسًا في نفس المتشائم، وهنا أتذكر أغنية ام كلثوم حين غنت من كلمات الشاعر مرسي جميل عزيز: ياللى ظلمتو الحب وقلتو وعدتو عليه

قلتو عليه.. مش عارف إيه.. العيب فيكم.. يا في حبايبكم اما الحب يا عيني عليه.

ولا لزوم للقلق ابدًا:

فَتَمَتَّع بِالصُبحِ ما دُمتَ فيهِ*** لا تَخَف أَن يَزولَ حَتّى يَزولا

 ويضيف موضحًا بأن الطيور تدرك وتعيش جمال الحياة فكيف بالإنسان أن يجهل ذلك

أدركت كنهها طيور الرّوابي***فمن العار أن تظل جهولا

يشير الشاعر هنا إلى دور الطبيعة في بث الشعور بالسعادة في النفوس وإلى التعلم من الطيور كيفية استغلال وتجيير الطبيعة لصنع الفرح  

وتعلّم حبّ الطبيعة منها*** واترك القال للورى والقيلا

أن إحساس الإنسان بجمال الطبيعة يبث البِشر في نفسه ولا حاجة في تضيعة الوقت في القيل والقال  

إلى أن يقول:

كن غديرًا في الأرض يسير رقراقًا*** تسقي من جانبيه الحقولا

 يا لهذه الكلمات الرقيقة.. الصور الرائعة المفهومة التي تعبر عن واجب العطاء للمجتمع، وهو يصر على واجب العطاء تلك القيمة العليا يقول:

كن مع الفجر نسمة توسع*** الأزهار شمّا وتارة تقبيلا

والحقيقة الصارمة هي ان مصير البشر أيا كانوا واحدًا

لا دجى يكره العوالم والنّاس***فيلقي على الجميع سدولا

هناك عشرات ابيات الشعر للمتنبي ضربت كمثل يردده الناس من شدة قوتها وصدقها لا سيما عندما ينشب خلافًا عنيف بين اثنين دون أن يدرك الجميع من هو القائل مثل:

وَإِذا أَتَتكَ مَذَمَّتي مِن ناقِصٍ · فَهِيَ الشَهادَةُ لي بِأَنِّيَ كامِلُ

وهكذا كان مع أبو ماضي في البيت الذي استعمله مرتين يردده الكثير من الناس

أيّهذا الشّاكي وما بك داء*** كن جميلا تر الوجود جميلا

 القصيدة طويلة وقد تكون بحاجة إلى كتيب لاستعراضها والعيش في أجوائها البهيجة لذلك نقتضب

وكم كنت فرحًا عندما قرأت خبرًا يفيد بأن المطربة لطيفة التونسية قد غنتها، رحت ابحث عنها بواسطة الانترنيت وسرعان ما خاب أملي أذ اقتبست المطربة لطيفة منها بعض الابيات ولم تفِ القصيدة المعاني الراقية والمباشرة حقها وهنا بودي أن أدعو أحد مطربينا او مطرباتنا إلى غناء هذه القصيدة التي يمكنها أن تلعب الدور الإيجابي لتلطيف اجوائنا وهناك إمكانية ويمكن للمطرب او المطربة أن تقفز بواسطتها قفزة نوعية كبيرة، أمل أن تلقى دعوتي التجاوب المطلوب.

 

 

شاركها.