انتقد المستشار البرلماني لحسن نازهي، منسق مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، مشروع قانون المالية لسنة 2026، مؤكدا أنّ الوثيقة “لا تعكس حجم التحديات الوطنية والدولية الراهنة”، ولا تقدّم “الإجابات الاجتماعية المطلوبة” في سياق يتسم بالتحولات الجيوسياسية المتسارعة.

وأبرز نازهي في مداخلته هلال المناقشة العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2026 اليوم الخميس بلجنة المالية بمجلس المستشارين، أن النقاش حول مشروع المالية يأتي في ظرفية دقيقة، تزامنت مع صدور القرار الأممي الأخير الداعم لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، بما يعزز مكانة المملكة ويؤكد قوة اختياراتها الدبلوماسية والتنموية في الأقاليم الجنوبية. كما توقف عند التداعيات الإنسانية والسياسية المستمرة للحرب على غزة، وما خلفته من أزمات إقليمية، داعيا إلى “موقف دولي أكثر صرامة لحماية المدنيين ودعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني”.

وأضاف أن تطوير النموذج التنموي الترابي وربط الجهوية المتقدمة بالعدالة في توزيع الثروة، يشكّلان محورين أساسيين لمواكبة التحولات، إلى جانب إدماج الشباب وتعزيز مشاركتهم السياسية في ظل ارتفاع منسوب الوعي والمطالبة بالحقوق.

وفي جانب الحوار الاجتماعي، انتقد نازهي “تخلي الحكومة عن جولة شتنبر” قبل إحالة مشروع المالية على البرلمان، معتبراً أن غياب هذه الجولة “يمسّ بمبدأ مأسسة الحوار ويضعف الثقة”، مشدداً على أن الحوار التشاركي “ليس تقنية إدارية، بل التزام سياسي اتجاه الطبقة العاملة”.

ووجّه القيادي النقابي انتقادات لفرضيات النمو المعلنة في المشروع، معتبراً أنها “متفائلة بشكل مفرط” ولا تنسجم مع واقع تأثر الاقتصاد الوطني بتقلبات مناخية وتراجع الطلب الخارجي. وتساءل عن جدوى رصد أكثر من 380 مليار درهم للاستثمار العمومي “في ظل غياب أثر اجتماعي ملموس”، معتبراً أن المشكلة “ليست في حجم الميزانيات بل في النجاعة والقدرة التدبيرية”.

وفي ما يتعلق بالجبايات، اعتبر أن المشروع “يعيد إنتاج نفس الاختلالات البنيوية”، حيث تعتمد الحكومة على موارد ضريبية يتجاوز 40 في المائة منها ضرائب غير مباشرة يتحملها المواطنون بالتساوي، “دون مراعاة مستويات الدخل”، فيما تستفيد شركات كبرى من “تحفيزات غير متوازنة”، على حد وصفه.

المستشار النقابي توقف أيضا عند وضعية قطاعات التعليم والصحة، رغم تخصيص 140 مليار درهم لهما، مؤكداً أن “الأرقام وحدها لا تصنع الإصلاح”. وسجل استمرار الاكتظاظ ونقص الأساتذة وتعمق الهشاشة في نظام التعاقد، معتبراً أن إصلاح المدرسة العمومية يقتضي “إدماج أطر الأكاديميات في نظام موحد ومنصف” وضمان حماية مربيات ومربي التعليم الأولي. كما شدد على أن أزمة التعليم “تدبيرية قبل أن تكون مالية”.

وبخصوص الصحة، أبرز نازهي أن الحديث عن تأهيل المستشفيات “لا يمكن أن يخفي الخصاص المهول” الذي يصل إلى 32 ألف طبيب و65 ألف ممرض، مشيراً إلى أن أي إصلاح “سيظل شكلياً دون معالجة الخصاص البشري وضمان عدالة توزيع الموارد الصحية بين الجهات”.

وفي ملف التقاعد، عبّر عن رفض الكونفدرالية لأي إصلاح يستند فقط إلى رفع السن أو الاقتطاعات، مؤكداً أن تحميل الموظف والعامل وحدهما كلفة الإصلاح “مقاربة غير عادلة وتمسّ التماسك الاجتماعي”.

كما حذر نازهي من تنامي الهشاشة وتراجع القدرة الشرائية، واعتبر أن خلق 36 ألف منصب مالي “رقم محدود لا يواكب حجم البطالة”، داعياً إلى خطة وطنية للتشغيل اللائق وربط الأجور بمؤشرات الأسعار.

وأكد على أن مشروع قانون المالية “يستمر في نفس التوجهات غير الاجتماعية” التي لم تُنتج الأثر المطلوب، ودعا إلى “إصلاح ضريبي عادل” وإعادة توجيه الاستثمار نحو القطاعات الاجتماعية، وتمكين الجهات من صلاحيات وموارد حقيقية، وتعزيز الحكامة والشفافية.

وقال نازهي في ختام كلمته: “لسنا ضد الاستثمار ولا ضد ضبط التوازنات، لكننا ضد سياسات مالية تُعمّق الفوارق. نريد قانون مالية يضع الإنسان في قلب التنمية، ويجعل المال العام في خدمة الكرامة والعدالة الاجتماعية.”

المصدر: العمق المغربي

شاركها.