دافع نواب برلمانيون، خلال المناقشة التفصيلية للقوانين الانتخابية بلجنة الداخلية والجماعات الترابية بمجلس النواب، اليوم الخميس، عن مقترح منع المدانين بأحكام ابتدائية من الترشح في الانتخابات التشريعية المقبلة، باعتباره خطوة ضرورية لـ تحصين المؤسسة التشريعية من المشتبه فيهم والمتورطين في قضايا فساد.

بالمقابل، شدد نواب آخرون على ضرورة احترام “قرينة البراءة”، محذرين من أن المحكمة الدستورية قد تعيد مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب بسبب عدم انسجام بعض مواده مع الدستور.

في هذا السياق، أكد أحمد تويزي، رئيس الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة، أن التعديلات المقترحة جاءت منسجمة مع الإرادة الملكية والمجتمعية والبرلمانية الهادفة إلى “تحصين المؤسسة التشريعية والعملية الانتخابية”، محذراً من تدهور صورة البرلمان خلال السنوات الأخيرة. واعتبر أن مشروع القانون الذي أعدّته وزارة الداخلية بعد مشاورات واسعة مع الأحزاب “محاولة جادة لإعادة الاعتبار للمؤسسة”.

وأوضح تويزي أن فريقه يدعم بقوة منع المترشحين المدانين ابتدائياً، لكون الإجراء يهدف إلى وقف ربط البرلمان بالمتابعين في قضايا الفساد، مستشهداً بتجارب دولية مثل فرنسا حيث مُنع سياسيون من الترشح بمجرد صدور أحكام ابتدائية ضدهم. وبخصوص منع موظفي وزارة الداخلية من الترشح، شدد على أن الوزارة تشرف على الانتخابات بتفويض ملكي، ما يفرض عليها الحياد التام، وأن المنع “أداة لحماية العملية الانتخابية من أي شبهة تدخل”.

من جهته، حذر رشيد حموني، رئيس الفريق النيابي للتقدم والاشتراكية، من المساس بالحقوق الدستورية للمواطنين، معتبراً أن المنع بناءً على حكم ابتدائي هو “حرمان من حق الترشح” الذي يضمنه الدستور. وأكد أن “القاعدة القانونية واضحة: المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته”، محذراً من إمكانية إرجاع المجلس الدستوري للمقتضى، كما حدث في قوانين سابقة.

أما عبد الله غازي، عن الفريق التجمعي، فقد دعا إلى إعادة النظر في المنع الشامل لموظفي وزارة الداخلية، مشدداً على ضرورة التمييز بين أصحاب السلطة والنفوذ وبين الموظفين في السلالم الدنيا، مثل المتصرفين الذين “لا يملكون أي تأثير على العملية الانتخابية”.

وبخصوص المنع المتعلق بالأحكام الابتدائية، ذكّر بأن المحكمة الدستورية سبق أن قبلت مقتضيات مشابهة رغم الجدل الذي أحدثته، معتبراً أن حماية المؤسسة التشريعية قد تبرر هذا الإجراء.

وفي الاتجاه نفسه، دعت خديجة الزومي، البرلمانية الاستقلالية، إلى تبني مقاربة أكثر توازناً، معتبرة أن منع موظفي الداخلية دون تمييز “إجحاف واضح”، خاصة بالنسبة للمتقاعدين الذين غادروا الوزارة منذ سنوات، والموظفين في سلالم دنيا لا تأثير لهم على الانتخابات.

وأوضحت أن منع القائد والباشا مفهوم، غير أن توسيع المنع ليشمل فئات أخرى “غير مبرر”، مشددة على دعم الفريق الاستقلالي لكل ما من شأنه تحصين العملية الانتخابية وضمان شفافيتها.

من جانبه، اعتبر محمد ملال، البرلماني عن الفريق الاشتراكي، أن مضامين مشاريع القوانين “تنسجم مع توجه الدولة نحو تخليق الحياة السياسية”، لكنه دعا إلى تشديد بعض المقتضيات، أبرزها رفع مدة منع رؤساء المؤسسات والمقاولات العمومية من سنتين إلى ثلاث سنوات، وإدراج مديري ومناديب القطاعات الحكومية ضمن الفئات التي تتوفر على تأثير مباشر على الناخبين. وأشار إلى أن بعض الوزراء “استعانوا بمسؤولين جهويين كأدوات حزبية خلال الانتخابات”، ما يستدعي حماية التنافس الشريف.

أما عبد الصمد حيكر، عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، فقد أثار مجموعة من الإشكالات القانونية “الجوهرية”، من بينها التعارض بين سن الترشح في القانون الجديد (18 سنة) والمادة 41 من مدونة الانتخابات التي تشترط 21 سنة، وهو ما تسبب سابقاً في رفض ترشيحات وصدور أحكام قضائية وصلت إلى محكمة النقض. وطالب بإضافة عبارة “خلافاً للمادة 41” أو التنصيص صراحة على نسخها.

كما انتقد حيكر تعامل المشروع مع العزل كعقوبة مرتبطة بالفساد، رغم أن العزل قد يتم لأسباب صحية أو إدارية لا علاقة لها بسوء التدبير. وذكّر بأن الفصل 119 من الدستور ينص على أن كل متهم بريء إلى أن تثبت إدانته بحكم نهائي، معتبراً أن اعتماد الأحكام الابتدائية كأساس للمنع “غير منسجم دستورياً”، رغم اتفاقه مع الهدف العام المتمثل في منع الفاسدين من الوصول إلى المؤسسات المنتخبة.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.