تعتزم “الإدارة المدنية” التابعة لسلطات الاحتلال مصادرة نحو 1,800 دونم من الأراضي الخاصة شماليّ الضفة الغربية، بزعم تطوير موقع سبسطية الأثري، في خطوة تشمل مساحات واسعة من بساتين الزيتون التابعة لسكان بلدتي سبسطية وبرقة، وسط منح الأهالي 14 يومًا فقط لتقديم الاعتراضات.

وبحسب ما أوردته صحيفة “هآرتس”، اليوم الخميس، فإن الأمر العسكري الجديد يشمل الموقع الأثري نفسه إلى جانب “مناطق واسعة من المزارع التي تضم آلاف أشجار الزيتون”، ويُعدّ “أوسع أمر مصادرة لأغراض أثرية منذ عام 1967”.

وأشارت الصحيفة إلى أن أكبر مصادرة سابقة لهذا الغرض في الضفة الغربية كانت في موقع سوسيا عام 1985، حين صودرت 286 دونمًا، وأن سلطات الاحتلال في حينه “سمحت لسكان المنطقة من دخول الموقع بعد طردهم منه”.

ويربط علماء آثار الاحتلال بين تلّ سبسطية وما يُعرَف بمدينة السامرة التوراتية، التي تُنسب إلى مملكة إسرائيل في القرنين التاسع والثامن قبل الميلاد، وهو موقع يضمّ طبقات أثرية رومانية وبيزنطية وإسلامية. ويعتمد جزء من سكان البلدة على أنشطة مرتبطة بالموقع، من مطاعم ومتاجر سياحية وخدمات للزوار.

وكانت الحكومة الإسرائيلية قد رصدت في أيار/ مايو 2023 مبلغ 30 مليون شيكل للحفريات والتطوير في سبسطية، وبدأت في الوقت نفسه أعمال ترميم في محطة القطار القديمة في البلدة، وهي المحطة التي شهدت في العام 1974 انطلاق نشاط الاستيطان في المنطقة حين تحصّن مستوطنون فيها للمطالبة بإنشاء مستوطنة. وتشمل الخطط شقّ طريق جديد يصل إلى الموقع “دون المرور عبر القرية الفلسطينية”.

وقالت منظمة “السلام الآن” إن إسرائيل “تواصل المسّ بحقوق الفلسطينيين، ومصادرة آلاف الدونمات خلافًا للقانون الدولي، والتوغل في شمال الضفة الغربية التي يقطنها آلاف قليلة من المستوطنين مقابل أكثر من مليون فلسطيني”.

وأضافت أن “سبسطية موقع تراثي داخل قرية فلسطينية وجزء من الدولة الفلسطينية المستقبلية، وأن الجشع الإسرائيلي يمسّ ليس فقط أصحاب الأراضي بل إمكانية التوصل إلى حل يحترم شعبيْن وحقوقهما وتراثهما”.

من جانبها، اعتبرت منظمة علماء الآثار “عومك شافيه” أنّ الحكومة، “تحت ستار الاهتمام بالتراث، تستثمر عشرات ملايين الشواكل في تحويل مواقع أثرية إلى أداة للتهجير والضم”، مشيرة إلى أن “النية لمصادرة الأراضي الخاصة هي كل شيء ما عدا الحفاظ عليها، وهدفها إقامة مستوطنة سياحية تنتزع تراث سبسطية من بلدتها وتُهجّن المنطقة عبر السياح”.

وردّ مكتب “منسق أعمال الحكومة في الأراضي” الفلسطينية المحتلة بالقول: “بناءً على توجيه المستوى السياسي، أبلغت جهات الإدارة المدنية أصحاب الأراضي في موقع سبسطية الأثري ببدء إجراء مصادرة مؤقتة لصالح الحفاظ على الموقع وتسهيل وصول الزوار وتطوير المكان”، مضيفًا أن العملية تمّت “على خلفية إهمال الموقع، وتجاهل أصحاب الأراضي والسلطة الفلسطينية للأضرار الحاصلة فيه، خلافًا لاتفاقات المرحلة الانتقالية”.

شاركها.