أمد/ رام الله: تواجه فدوى البرغوثي خيبة أمل جديدة بعد استبعاد زوجها، القيادي البارز في حركة فتح مروان البرغوثي (66 عامًا)، من صفقة تبادل شملت نحو 2000 أسير فلسطيني مقابل 20 رهينة الشهر الماضي، رغم تصدر اسمه لقائمة الأسرى الذين طالبت حركة حماس بالإفراج عنهم.
فدوى، التي منحت أول مقابلة لوسيلة إعلام عبرية “تايمز أوف إسرائيل“، شددت على تمسك زوجها بحل الدولتين على حدود 1967، مؤكدة أنه يدعم “حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه ضد الاحتلال” لكنه يرفض استهداف المدنيين، ويُفرّق بين المستوطنين المسلحين والمدنيين داخل إسرائيل.
رغم وجوده خلف القضبان، لا يزال اسم البرغوثي يرد في استطلاعات الرأي كأحد أبرز المرشحين لخلافة محمود عباس في رئاسة السلطة الفلسطينية، في وقت ينظر فيه كثير من الفاعلين الدوليين إليه كعامل استقرار محتمل، قادر على رأب الصدع بين فتح وحماس وتوحيد القيادة الفلسطينية على برنامج سياسي واحد.
وتشير فدوى إلى “وثيقة الأسرى” التي صيغت عام 2006 داخل السجون الإسرائيلية، وشارك في بلورتها ممثلون عن فتح وحماس والجهاد وفصائل أخرى، وتبنت لأول مرة موقفًا مشتركًا يدعم إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، عبر التفاوض مع إسرائيل، مع التأكيد على “حق مقاومة الاحتلال” داخل تلك الأراضي.
ويرى منتقدو الوثيقة أنها لم تتضمن اعترافًا صريحًا بإسرائيل، وأبقت الباب مفتوحًا أمام استخدام وسائل “المقاومة”، بما في ذلك العنف، رغم أن البرغوثي عمل بحسب أنصاره على تضمينها بندًا يحصر الكفاح المسلح داخل الأراضي المحتلة عام 1967.
وتؤكد فدوى أن الوحدة التي ينشدها زوجها ستكون تحت سقف منظمة التحرير الفلسطينية وميثاقها، الذي يشترط على فصائلها الاعتراف بإسرائيل، وأن الهدف من ذلك هو “إنهاء ظاهرة الفصائل الخارجة عن الإطار الموحد” بما يعزز الاستقرار والقدرة على التفاوض.
وتضيف أن معارضة حكومة نتنياهو الشديدة للإفراج عنه تعود في جزء كبير منها إلى إدراكها قدرته على توحيد الصف الفلسطيني، في وقت يتهم فيه منتقدو نتنياهو بأنه حافظ لسنوات على حالة الانقسام من خلال إضعاف السلطة الفلسطينية و”تغذية” حكم حماس في غزة عبر السماح بتمويل قطري بمئات ملايين الدولارات للقطاع، وهو ما يقول إنه كان يهدف إلى منع انهيار الأوضاع الإنسانية.
خلال مفاوضات وقف إطلاق النار وصفقات التبادل الأخيرة، قالت ثلاثة مصادر دبلوماسية عربية إن دول الوساطة، وبينها مصر وقطر، طلبت من إسرائيل الإفراج عن البرغوثي، غير أن الحكومة الإسرائيلية رفضت ذلك ووصفتـه بأنه “قاتل مدان”.
قضية البرغوثي اكتسبت زخمًا جديدًا بعد تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب في مقابلة مع مجلة “تايم”، ألمح فيها إلى أنه يبحث مسألة الإفراج عنه، ما فتح الباب أمام توقعات بجهد أميركي محتمل في هذا السياق، من دون توضيحات رسمية لاحقة.
تقول فدوى إن صحة زوجها تتدهور، وإنه محتجز في العزل الانفرادي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، وتتهم مصلحة السجون الإسرائيلية بسوء معاملته، في حين ظهر مؤخرًا في مقطع مصوَّر نحيلًا وهزيلًا خلال زيارة استفزازية من وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
ورغم الانتقادات الشديدة داخل إسرائيل لفكرة الإفراج عنه من قبل عائلات بعض الضحايا، يشير مؤيدوه وبينهم مسؤولون أمنيون إسرائيليون وشخصيات يهودية دولية إلى أنه قد يكون “العنوان الوحيد” لقيادة فلسطينية موحدة تسير باتجاه تسوية تقوم على حل الدولتين.
وقالت فدوى إن زوجها “يرى أن حل الدولتين هو الطريق للمضي قدمًا والعيش بسلام”. وأردفت “لا يزال يؤمن بإمكانية تحقيق السلام على هذه الأرض وحياة أفضل للجميع”. وأكدت أن “حالة زوجها في السجن تتدهور”.
وتختم فدوى بالتأكيد أن الإفراج عن زوجها يمكن أن يشكل خطوة أساسية نحو “مستقبل من الحرية والسلام للفلسطينيين والإسرائيليين معًا، بعيدًا عن القتل والمعاناة، وبأطفال يعيشون في أمان”.
البرغوثي، المحكوم بخمس مؤبدات و40 عامًا منذ عام 2004 بتهم تتصل بهجمات خلال الانتفاضة الثانية، يحظى بشعبية واسعة فلسطينيًا ويُنظر إليه كأحد أبرز المرشحين المحتملين لخلافة الرئيس محمود عباس، وكشخصية قادرة على توحيد الفصائل الفلسطينية ودفع مسار حل الدولتين.
في المقابل، اكتفى متحدث رسمي باسم حكومة دولة الاحتلال بالقول عند سؤاله حول إمكانية الإفراج عن البرغوثي، إنه “قاتل مدان”، وفق تعبيره.
وكانت محكمة إسرائيلية حكمت عام 2004 على مروان البرغوثي بخمس مؤبدات، إضافة إلى 40 عاماً بتهمة المساعدة في التخطيط لهجمات خلال الانتفاضة الثانية.
في حين لم يرد اسمه ضمن قائمة الأسرى التي ضمت نحو 2000 فلسطيني أُفرج عنهم مقابل 20 أسيراً إسرائيلياً الشهر الماضي ضمن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى.
