في إطار سعيها إلى ترسيخ فلاحة ذكية ومسؤولة ومستدامة، تستمر مبادرة “المثمر”، التابعة لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، في تعزيز المواكبة الميدانية لمزارعي الزيتون بإقليم بني ملال؛ على غرار مجموعة من أقاليم المملكة، حيث تسهر على تزويد هؤلاء المزارعين بالخبرات العلمية والممارسات الحديثة التي تضمن رفع المردودية وتحسين الجودة والتنافسية.
وقد نظمّت “المبادرة”، الأربعاء، مدرسة حقلية ميدانية أطرها المهندسون التابعون لها لفائدة فلاحين من جماعة آيت أم البخث بإقليم بني ملال، داخل واحدة من عشرين منصة تطبيقية، تم إنشاؤها بالإقليم خلال الموسم الفلاحي 2024/2025، على مساحة إجمالية تمتد على 10 هكتارات.
وشكّلت هذه الزيارة فرصة لمتابعة آثر المواكبة الميدانية وتقديم صورة شاملة للفلاحين عن الممارسات السليمة والمسؤولة في جني الزيتون، بما يضمن عدم الإضرار بسلامة الأشجار واستدامة إنتاجها؛ وذلك بعد سلسلة زيارات ميدانية رافق خلالها المهندسون الزراعيون التابعون لـ”المثمر” في كافة المراحل السابقة للإنتاج، من خلال إجراء تحاليل التربة والتسميد العقلاني وصولا إلى التقليم السليم والري المحكم.
تأطير شامل
أيمن شميرق، المنسق الجهوي لمبادرة المثمر بجهة بني ملال خنيفرة، صرح بأن “أهمية هذه المنصة تتجلى في كونها واحدة من أشكال التأطير التي يوفرها برنامج المثمر؛ وهي مبنية على المعاينة كأساس للإقناع”.
وأضاف شميرق لهسبريس: “نحاول، من خلال المنصة، تكريس الممارسات الزراعية السليمة المبنية على أسس علمية”.
وأوضح المهندس الزراعي أن هذه المواكبة “تمتد على طول المسار التقني لزراعة الزيتون؛ ابتداء من تحاليل التربة، فالتسميد على المقاس، والمكافحة المندمجة، وصولا إلى مرحلة الجني”.
وفي هذا الصدد، جرت نمذجة عملية الجني السليمة داخل المنصة التطبيقية حيث نتواجد. وخلالها، جرى الوقوف على ثمار المواكبة الميدانية لبرنامج المثمر.
وأفاد شميرق: “تجاوزت مردودية هذه المنصة 14 طنا في الهكتار، مقارنة بما بين 8 أطنان إلى 9 أطنان في الهكتار، في حالة المنصة الشاهد؛ حيث طبقت الممارسات التقليدية”.
وفي الأساس، يوفر المثمر، “بالإضافة إلى المدارس الحقلية، حزمة من صيغ التأطير، تشمل: المدارس الحقلية وتحاليل التربة والزيارات الميدانية، ومواكبة التنظيمات المهنية”.

كما أطلق البرنامج “تجمع الممارسين الذي يضم مجموعة من المتدخلين في القطاع، من فلاحين ومهندسين زراعيين وطلبة وأرباب معاصر ورؤساء تنظيمات مهنية؛ ما يجعل الإفادة والاستفادة عامة”.
مواكبة ممتدة
حرصا منه على تغطية واسعة للفلاحين المغاربة، يجند البرنامج مهندسين في كل إقليم، ويتولى كل مهندس مواكبة أكثر من 200 فلاح.
وقد واكبت هاجر خطيب، مهندسة زراعية بمبادرة المثمر في إقليم بني ملال، فلاحي المنصة التطبيقية بجماعة آيت أم البخت، طيلة مراحل إنتاج الزيتون، موسم 2024/2025.
وفصلت خطيب، في تصريح لهسبريس، أن مرحلة الجني يسبقها “إجراء تقييم لمحصول السنة الفلاحية المنتهية؛ تتبعه تحاليل التربة التي توفر التعرف على التركيبة المشخصة أو السماد على المقاس الذي سوف يستعمل في الفضاء”.
وتابعت المهندسة الزراعية بمبادرة المثمر في إقليم بني ملال: “نقوم بتسميد العمق ثم التسميد للتغطية، ولا ننسى القيام بالتسميد الورقي بالعناصر الصغرى كالبور”.

وطيلة هذا المسار، “ينفذ بروتكول الحماية المندمجة للأرض، عبر التتبع فإذا وجدت بعض الآفات أو الأمراض نباشر التدخلات المناسبة، هذا إلى جانب حثّ الفلاحين على تدبير معقلن لمياه السقي”، وفق تعبير خطيب.
وتتم عملية الجني في إطار برنامج “المثمر” بشكل يدوي صرف. وسجلت المتحدث عينها: “بذلك نتفادى التطبيقات التقليدية المعتادة مثل الجني بالعصي؛ كل ذلك لأجل استدامة وسلامة صحة الشجرة”.
تفاعلا مع سؤال للجريدة، قالت خطيب: “الأثر الذي نحققه يشمل الزيادة في الكمية المنتجة كما جودة المنتوج؛ فالتقليل من استعمال المبيدات الحشرية وتوظيف الأسمدة على المقاس يرفع جودة الزيتون والزيت”.
ثمار ملحوظة
يتذكر باري قلوش، فلاح بجماعة آيت أم البخث، أنه “قبل الانخراط في برنامج المثمر، كنا نعتمد في عملية الإنتاج على نفس ما ورثناه من طرق تقليدية وعشوائية؛ تسميد بـ”الغبار”، جني بالعصي..”.

وأضاف الفلاح ذاته في تصريح لهسبريس: “هذا ما كان يجعل إنتاج الأشجار يبصم على التناوب (تنتج في موسم وتعدل في آخر)”.
أما اليوم، فبفضل كافة عمليات المواكبة الميدانية التي يؤمنها المثمر، أورد قلوش، “ارتفعت المردودية، ولله الحمد، بشكل ملحوظ، حيث اجتزنا المرحلة التي لم نكن ندرك فيها الممارسات السليمة لمعاملة الأشجار، وباتت هذه الأخيرة قادرة على العطاء كل سنة”.
وقال المصرح عينه إن الفلاحين “يحرصون على التواصل مع مهندسي البرنامج، عند وجود أي طارئ؛ مثل الفطريات أو الحشرات، فيباشر تدخل سريع للمكافحة”.
يشاطره لمس “الأثر الإيجابي لمواكبة المثمر” الفلاح عزيز بالوش، حيث أكد لهسبريس أن “هذه المواكبة ساهمت في إحداث فرق كبير في مردودية الهكتار، هذه السنة، مقارنة بسابقاتها، بزيادة قدرها حوالي 6 أطنان”.
وشدد بالوش على أن “هذا ثمرة للالتزام بنصائح وإرشادات المهندسين، في كل الحلقات؛ من التقليم والتسميد والري وغيرها”.
المصدر: هسبريس
