على غرار الأحزاب السياسية شرعت المركزيات النقابية في بلورة مقترحاتها بشأن تحيين وتفصيل مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، بعد اللقاء الذي جمعها بوزيري الداخلية، عبد الوافي لفتيت، والشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، الخميس الماضي، في إطار التوجيهات الملكية في الموضوع.
ووفق ما توفّر لهسبريس من معطيات فإن الوزيرين حثّا خلال اللقاء المركزيات النقابية الست، وهي: الاتحاد المغربي للشغل، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد العام للشغالين، والفيدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، والمنظمة الديمقراطية للشغل، على الإسراع في تقديم المذكرات، “في أقرب وقت ممكن”، دون تحديد تاريخ معيّن.
وتتوقّع مركزية الاتحاد المغربي للشغل أن توافي بمقترحاتها خلال الأيام المقبلة، في وقت انتهت المنظمة الديمقراطية للشغل من إعداد مذكرتها، “وقد توافي بها هذا الأسبوع”.
وأكد قياديان في المركزيتين تثمينهما المقاربة التشاركية في تحيين مبادرة الحكم الذاتي، مبرزين أن إشراك النقابات ينطوي على فوائد متعددة، على اعتبار توفرها على قواعد في جميع القطاعات بالصحراء المغربية، وكذا كفاءات وخبرات في الملف، بحكم متابعتها الحثيثة للموضوع، فضلا عن علاقاتها النقابية الدولية.
مبادرة مستحسنة
الميلودي موخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، قال إن “إشراك الحركة النقابية في تحيين وثيقة الحكم الذاتي مبادرة تُستحسن على اعتبار أن الطبقة العاملة التي تمثلها تشكل القوة الحية في البلاد، وتتواجد في مواقع العمل والإنتاج بجميع القطاعات”.
وأضاف موخاريق، في تصريح لهسبريس، أن “الحركة النقابية المغربية تربطها علاقات نقابية دولية، ولعبت عبر التاريخ دورا جد فعال في ما تسمى الدبلوماسية النقابية”، مُشيرا إلى “تصديها في مجموعة من المحطات لمن يريدون الإساءة إلى الوحدة الترابية للمملكة”.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن اللقاء سالف الذكر “استمع فيه قادة المركزيات النقابية لعروض الوزيرين؛ وأدلوا بآرائهم”، مردفا: “سنظل مجندين لأن المملكة قطعت في مسار القضية الوطنية شوطا كبيرا، لكن مازال يتعيّن أن تظل التعبئة قائمة حتى الوصول إلى الحسم النهائي”، وزاد: “سيعتمد الاتحاد المغربي للشغل على أطره، بما يشمل أطر الأقاليم الجنوبية، فهذه المركزية النقابية تتبع لها اتحادات جهوية ومحلية في العيون والداخلة والسمارة، ونقاط مختلفة من الصحراء المغربية، بل ذهبت إلى افتتاح مقر لها في معبر الكركرات؛ كل ذلك إيمانا بعدالة الملف الوطني”.
وختم النقابي نفسه: “سوف يتقدّم الاتحاد بمذكرته بشأن تحيين مبادرة الحكم الذاتي خلال الأيام المقبلة؛ إذ تعكف فرقة من المختصين، أساسا في العلاقات الدولية، على هذا الموضوع”.
صورة شاملة
علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، أكد أن “اللقاء يندرج بالفعل في إطار المقاربة التشاركية التي انتهجها المغرب، بتوجيه ملكي سام، لإشراك كل الحساسيات الوطنية، من أحزاب ونقابات ومجتمع مدني وتنظيمات اجتماعية، تتواجد في الصحراء المغربية، وتشكل قاعدة مؤمنة بعدالة القضية، في بلورة وتحيين مشروع مبادرة الحكم الذاتي لسنة 2007”.
وأضاف لطفي، في تصريح لهسبريس، أن “هذا التحيين يأتي تماشيا مع المتغيرات التي طرأت على الملف بعد 18 سنة من طرح المبادرة، ومنها اعتراف دول كبرى بمجلس الأمن بمغربية الصحراء، على غرار عشرات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة”.
وعن أهمية إشراك النقابات في هذا الورش الوطني ذكر النقابي نفسه أن “النقابات تنظيمات تتواجد في كافة التراب الوطني، بما فيه الصحراء المغربية، كما تلتئم في إطارها كل الفعاليات والفئات بالمجتمع، من رجال ونساء التعليم والصحة والجماعات الترابية… ما يعطي نظرة شاملة عن مستقبل هذه القطاعات في إطار الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية”، مشددا على أن “المركزيات النقابية تتابع هذا الملف منذ المسيرة الخضراء”، ومفيدا بأنها “تتوفّر على كفاءات وخبراء في هذا المجال”.
كما أوضح المتحدث أن الحكومة لم تحدد للمركزيات النقابية سقفا زمنيا لوضع مقترحاتها، “لكن الوزيرين شددا على الموافاة بها في أقرب وقت”، مؤكدا أن “المذكرات ستنبني على أساس وثيقة المبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء، المرفوعة سنة 2007”.
وبخصوص المنظمة الديمقراطية للشغل ذكر لطفي أنها “انتهت من صياغة مذكرتها بشأن تحيين مبادرة الحكم الذاتي، وقد تقدمها انطلاقا من هذا الأسبوع”، لافتا إلى أن المركزية النقابية تنطلق في هذا الصدد من “أبعاد متعددة، بما فيها المطالبة بإصلاحات دستورية، وإعادة دعم الجهوية الموسعة؛ فبموازاة الحكم الذاتي يلزم اتخاذ إجراءات مواكبة، منها مراجعة الدستور ومراجعة الجهوية المتقدمة التي أصبحت متعثرة، عبر الترقية إلى جهوية موسعة؛ ولما لا إعادة النظر في التقطيع الجغرافي”.
المصدر: هسبريس
