أكد رئيس وزراء جمهورية فيتنام فام مينه شينه اليوم الثلاثاء، أن العلاقات بين الكويت وفيتنام بنيت على أسس متينة من الثقة المتبادلة والتعاون العملي والمواقف المشتركة في العديد من المحافل الدولية، مشيرا إلى أن بلاده تنظر إلى دولة الكويت كشريك مهم وصديق مخلص.

جاء ذلك خلال محاضرة ألقاها فام منه شينه في معهد سعود الناصر الصباح الدبلوماسي الكويتي على هامش زيارته الرسمية للبلاد بعنوان (السياسة الخارجية لفيتنام ورؤيتها للعلاقات الفيتنامية الكويتية) وبحضور رؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى البلاد.

وقال إن الجانبين اتفقا على تسع مسارات رئيسية لتعزيز التعاون المستقبلي تشمل رفع مستوى الثقة السياسية وزيادة تبادل الزيارات رفيعة المستوى وتعزيز التعاون في الأمن غير التقليدي والتكنولوجيا والطاقة والغذاء والتجارة والاستثمار إضافة إلى تطوير التعاون الثقافي والتعليمي والسياحي والبحثي وزيادة فرص العمل والتدريب.

وأشار إلى الحاجة لرفع مستوى التعاون الاقتصادي بين البلدين “لأن حجم التبادل التجاري الحالي لا يعكس الإمكانات المتاحة” ، مبينا أن الشراكة الاستراتيجية ستوفر إطارا أوسع لتسهيل المشروعات المشتركة وتشجيع الاستثمارات وتنويع مسارات التعاون الاقتصادي.

وأوضح أن العلاقات بين فيتنام والكويت تقف على أعتاب مرحلة جديدة من التعاون العميق والشامل وأن الشراكة الاستراتيجية ستسهم في تعزيز السلام والتنمية وتوسيع المجالات التي تخدم مصالح الشعبين مؤكدا ثقته بأن يكون التعاون المستقبلي أكثر اتساعا وتوازنا وارتباطا بالقيم المشتركة والرؤية المتبادلة للمستقبل.

وبين أن زيارته إلى دولة الكويت تمثل أول زيارة رفيعة المستوى منذ 16 عاما معتبرا أن هذا التوقيت يكتسب أهمية خاصة مع اقتراب الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وما تحمله من معان ودلالات على مسار التعاون بين الجانبين.

وأعرب رئيس الوزراء الفيتنامي عن تقدير بلاده العميق لما لقيه والوفد المرافق من استقبال كريم وحفاوة تجسد العلاقات الودية التي جمعت الشعبين منذ بدايات العلاقات الدبلوماسية مؤكدا أن هذا البعد الإنساني من أهم ركائز الشراكة بين البلدين.

وأوضح أن الكويت كانت أول دولة في منطقة الخليج تقيم علاقات دبلوماسية مع بلاده كما كانت من أوائل الدول التي قدمت دعما تنمويا مباشرا لفيتنام عبر مشروعات إنمائية في البنية التحتية الزراعية والريفية، لافتا إلى أن تلك المساهمات كان لها أثر بالغ في تحسين حياة المواطنين في العديد من القرى والمناطق النائية.

وأعلن أن الجانبين اتفقا على إصدار بيان مشترك يرتقي بالعلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية مؤكدا أن هذه الخطوة تعكس الإرادة السياسية الواضحة لدى قيادتي البلدين لبناء إطار تعاون طويل المدى يشمل مجالات الاقتصاد والطاقة والابتكار والتعليم والتكنولوجيا والحوكمة والموارد البشرية.

وحول رؤيته لطبيعة المرحلة الدولية الراهنة أشار إلى أن العالم يشهد حالة غير مسبوقة من التعقيد نتيجة تداخل الأزمات الاقتصادية والأمنية والتكنولوجية واشتداد المنافسة بين القوى الكبرى وتغير أنماط القوة والنفوذ في مختلف المناطق.

وذكر أن “المشهد العالمي يتسم بتناقضات متزامنة تظهر في مناطق سلام واستقرار بينما يشتعل التوتر في مناطق أخرى” لافتا إلى أن هذه الحالة تتطلب من الدول الصغيرة والمتوسطة قدرة أكبر على قراءة التحولات الدولية وتطوير سياساتها بما يحمي مصالحها الوطنية ويعزز فرص التنمية.

وبين أن التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي والمعادن النادرة والفضاء والبيئة الرقمية أصبحت عناصر أساسية في العلاقات الدولية الحديثة وأن القدرة على التعامل مع هذه الملفات تمثل معيارا جديدا لمكانة الدول ونطاق تأثيرها في الشؤون العالمية.

وأفاد رئيس وزراء فيتنام أن العالم لم يعد يقتصر في تنافسه على الموارد التقليدية مثل النفط والغاز بل امتد ذلك إلى المعادن النادرة والتقنيات الدقيقة والرقمنة والمجالات الفضائية والبحرية والبحث العلمي العميق مؤكدا أن هذا التحول يغيّر شكل العلاقات الدولية بصورة عميقة.

واعتبر أن منطقة الشرق الأوسط تشكل إحدى أهم نقاط الارتكاز في التوازن الدولي لما تحمله من عمق حضاري وتاريخي وما تمثله من مركز للطاقة العالمية وممرات بحرية حيوية، موضحا أن العلاقة بين الدين والعرق والأرض في المنطقة تمثل أحد أكثر الملفات حساسية وتأثيرا على الأمن الإقليمي والعالمي.

وعن التجربة الفيتنامية قال إن بلاده خاضت مسارا طويلا من الحروب والصراعات امتدت لأربعة عقود مشيرا إلى أن آثارها لا تزال قائمة إلا أن فيتنام استطاعت رغم ذلك تبني رؤية شاملة للتنمية تعتمد على وضع الإنسان في قلب العملية التنموية وعدم التضحية بالعدالة الاجتماعية مقابل النمو الاقتصادي.

وأكد أن فلسفة التنمية في بلاده ترتكز على اقتصاد سوق موجه برؤية اشتراكية وعلى تعزيز الديمقراطية الاجتماعية وبناء دولة قانون تخدم المواطن وتستجيب لاحتياجاته موضحا أن هذه المبادئ أسهمت في بناء مجتمع متماسك وتحقيق معدلات نمو اقتصادية مستقرة خلال السنوات الماضية.

وذكر أن بلاده تستهدف بحلول عام 2030 أن تصبح دولة صناعية ذات دخل متوسط مرتفع وأن تتحول بحلول عام 2045 إلى دولة متقدمة ذات اقتصاد عالي القيمة موضحا أن تحقيق هذه الرؤية يعتمد على الابتكار والتعليم والتكنولوجيا والاندماج في الاقتصاد العالمي وتطوير الموارد البشرية واستثمار قدرات الشباب.

وأضاف أن السياسة الخارجية الفيتنامية تقوم على الاستقلال وتعدد الشراكات والبحث عن التعاون القائم على الاحترام المتبادل وعدم الانحياز مؤكدا أن هذه السياسة مكنت بلاده من بناء شبكة علاقات واسعة مع دول العالم وتعزيز حضورها في المؤسسات الدولية.

المصدر: جريدة الأنباء الكويتية

شاركها.