بعد ملعب الأمير مولاي عبد الله في الرباط، الذي أبهر العالم بجماليته ودقته، جاء ملعب طنجة الكبير ليرفع عاليا سقف طموحات المغرب الرياضية ويكرس مكانته العالمية كقوة رياضية لا يستهان بها في عالم كرة القدم على جميع المستويات.

في افتتاحه مساء الجمعة الماضي، خلق ملعب طنجة الكبير الحدث وسرق الأضواء بجماليته وسعته الكبيرة التي تقدر بحوالي 75 ألف متفرج، وبتجهيزاته الحديثة ومرافقة المتكاملة التي تجعله على رأس قائمة الملاعب الأفضل في “القارة السمراء” والعالم.

أكثر من ذلك، فافتتاح ملعب طنجة الكبير أجج المنافسة المفتوحة بين المغرب وإسبانيا بخصوص ترشيح ملاعب ومدن كل من البلدين لاستضافة المباريات الكبيرة في مونديال 2030، خاصة المربع الذهبي والنهائي الذي يراهن المغرب بقوة على استضافته في ملعب الحسن الثاني ببن سليمان ضواحي الدار البيضاء الذي تصل سعته إلى 115 ألف متفرج.

وتلقى المغرب إشادات واسعة من طرف الصحافة الدولية التي تواكب التجهيزات الرياضية العالمية التي يعمل على تدشينها والاستثمار فيها استعدادا لاستضافة كأس إفريقيا للأمم أواخر 2025 وبداية 2026، ونهائيات كأس العالم 2030.

في تعليقه على الموضوع، قال بدر الدين الإدريسي، محلل رياضي رئيس تحرير جريدة “المنتخب”، إن ملعب طنجة الكبير يعزز الاعتقاد الراسخ عند المغاربة بأن “المغرب بات قوة نافذة على مستوى كرة القدم العالمية، وهو ما يقوله ويكرره في كل مرة رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، جاني انفانتينو، سواء عند زيارته لمركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط أو عند زيارته لملعب طنجة الكبير”.

وأضاف الإدريسي موضحا أن شهادة رئيس الفيفا، الذي شاهد “تقريبا 99 بالمئة من أجود ملاعب العالم والمباريات المتعلقة ببطولات العالم على اختلافها، تكفينا، وكذلك شهادة كل خبراء كرة القدم العالمية التي تؤكد أن المغرب أضحى قوة نافذة ومؤثرة بشكل كبير في المشهد الكروي العالمي، ليس فقط بنيته التحتية ذات المستويات العالية جدا، بل أيضا من حيث الإتقان والجودة والإبداع على مستوى المنتخبات الوطنية التي تحضر بشكل وازن وقوي في مختلف مسارح كرة القدم العالمية والتظاهرات الكبرى”.

وتابع رئيس تحرير جريدة “المنتخب”: “نعرف جيدا أن من دون بنية تحتية في المستوى العالي لا يمكن أن ترتقي كرة القدم الوطنية إلى الأفضل على غرار كل الدول”، مشددا على أن “شغف المغاربة بكرة القدم نابع من القرب من دول متقدمة وراقية على مستوى كرة القدم مثل إسبانيا، ودائما كنا نحلم بأن تكون لنا هكذا ملاعب جميلة تغري بالمشاهدة وتحقق الاستمتاع بكل مواصفاته”.

وسجل المتحدث ذاته أن “جمالية أي مباراة لكرة القدم تساهم فيها البنية التحتية بنسبة تصل إلى 30 حتى 40%، وبالتالي أنا أتصور أن هذا الملعب على ضخامته وعلى جماله يجيب على سؤال كبير جدا: هل يمكن للمغرب أن ينافس بالطول والعرض البنى التحتية الإسبانية؟”.

وأجاب الإدريسي: “جاءهم الجواب سريعا، وأكثر من هذا أظن أن المغاربة يستحقون مثل هذا الملعب لأنهم شغوفون بكرة القدم”، موردا أن “الملاعب ستحتضن كأس إفريقيا للأمم أولا، والمؤمل أن هذه البنية التحتية تستقطب فيما بعد المؤسسات أو الشركات التي تنظم المباريات الدولية من أجل أن يكون المغرب عبارة عن مسرح عالمي يستقطب كبريات الأحداث، ليس فقط كأس العالم”.

ومضى الإدريسي مفسرا أن “المنشآت الرياضية الحالية باتت تؤهل المغرب لاستضافة كبرى المباريات الودية، مثل البرازيل وفرنسا، ومباريات السوبر لدوريات أوروبية التي تقام في ملاعب خارجية لعدد من الدول”.

وتابع الإدريسي قائلا: “من يدري؟ قد نرى مثلا السوبر الإسباني على أرضية الملعب الكبير لطنجة”، مشددا على أن الكثير من الغايات يمكن أن تتحقق من خلال هذه المعلمة الرياضية، لكن بالنسبة لي المغاربة يستحقون هذا الملعب وعليهم أن يكونوا فخورين بذلك”.

من جهته، اعتبر محمد الحاجي، صحافي رياضي المقيم بإسبانيا، أن تدشين ملعب طنجة الكبير كان له وقع “الإبهار ليس فقط على المغاربة الذين يشهدون هذه السلسلة من تدشينات ملاعب أنيقة وبمواصفات عالمية، بل امتد هذا الإبهار إلى وسائل الإعلام الإسبانية”.

وأضاف الحاجي، في تصريح لهسبريس، أن الإعلام الإسباني تناول افتتاح ملعب طنجة الكبير في “مقالات كثيرة وتحليلات رياضية على القنوات الإذاعية والتلفزيونية، عبرت عن مفاجأتها الممزوجة بالإعجاب من قدرة المغرب على تشييد هذه الملاعب بدرجة عالية من جمالية التصميم ودقة الإنجاز، وفوق كل هذا المدة الزمنية القياسية التي تمت فيها الأشغال”.

وأفاد المحلل الرياضي ذاته بأن حديث وسائل إعلام الجارة إسبانيا “ركز كثيرا في نهاية هذا الأسبوع على ملعب طنجة بحكم قرب المدينة من الساحل الأندلسي، واعتبر تدشينه تحديا مغربيا لإسبانيا فيما يتعلق بالمنشآت الرياضية”.

وزاد موضحا أن “النقاشات ذهبت إلى مقارنته بملعب لاكارتوخا بمدينة إشبيلية الذي خضع هو الآخر لعملية إعادة الهيكلة، لكنه حسب جميع من أثاروا الموضوع لم يكن شكله الجديد ليصل إلى الهيكلة الأيقونية التي أصبح عليها ملعب طنجة”، مؤكدا أن هذه السلسلة من الملاعب الجديدة طرحت أيضا “بعض التوجس لدى الإسبان من قدرة المغرب الآن على التفاوض مع الفيفا من موقع أكثر قوة فيما يتعلق بتوزيع مباريات كأس العالم 2030 ونيل استضافة الكثير من المباريات المهمة”.

كما لاحظ الصحافي والمحلل الرياضي أن التخوف بلغ ذروته عندما ذهب البعض إلى إمكانية أن “تفقد إسبانيا شرف احتضان ملعب سانتياغو بيرنابيو المباراة النهائية لصالح المغرب، بعد تشييد ملعب الحسن الثاني ببنسليمان، وذلك بعدما ما ساد الاعتقاد لديهم طيلة هذه المدة التي تم فيها الإعلان عن التنظيم المشترك أن إسبانيا هي محور الملف، وهي ذات البنية التحتية الرياضية التي ليس بمقدور المغرب أو البرتغال أن ينافسانها على استضافة ختام أكبر التظاهرات الكروية العالمية”، وفق تعبيره.

المصدر: هسبريس

شاركها.