تعيش الواجهة الشمالية لمدينة مراكش، خاصة عند مدخلها عبر طريق البيضاء وبالقرب من الجسر المؤدي إلى جماعة واحة سيدي إبراهيم، على وقع وضع بيئي مقلق يثير استياء السكان ومستعملي الطريق، فقد تحوّل جزء من هذا المدار الجديد إلى مجرى مفتوح تتدفق فيه المياه العادمة بشكل مكشوف، ناشرة روائح خانقة تُفسد الهواء وتشكل مصدر تهديد مباشر للصحة العامة.
وبحسب المعطيات الواردة من عين المكان، فإن كميات كبيرة من المياه الملوثة تجري في العراء دون أي تدخل يُذكر لوقف مصدر التسرب أو احتواء أضراره، رغم أن المنطقة تُعد أحد المداخل الرئيسية لمراكش، المدينة التي تستعد لاحتضان تظاهرات وطنية ودولية خلال الأيام المقبلة.
ويؤكد عدد من الساكنة أن الروائح الكريهة المتصاعدة من المكان تتسبب في معاناة يومية للساكنة والعابرين، خاصة في الفترات التي ترتفع فيها درجات الحرارة، فيما بات الخوف من الانعكاسات الصحية يؤرق العديد من الأسر، خصوصًا بالنسبة للأطفال والمسنين.
وفي هذا السياق، أوضحت أسماء التدراري، خبيرة في البيئة، في تصريح لجريدة “”، أن تصريف المياه العادمة بشكل غير مراقَب يُعد من أخطر الممارسات التي تهدد صحة المواطنين والبيئة.
وأبرزت أن هذه المياه، حين تُترك تتدفق في الأودية أو داخل التربة دون معالجة، تحمل ميكروبات وفيروسات وطفيليات ومعادن ثقيلة تتسرب تدريجيًا نحو المياه الجوفية أو تُستعمل في السقي العشوائي، مما يجعلها تدخل السلسلة الغذائية وتشكل مصدرًا لأمراض معدية خطيرة.
وأضافت الخبيرة أن تجمع المياه الملوثة فوق السطح يوفر بيئة مثالية لتكاثر الحشرات الناقلة للأمراض، ويُفرز روائح كريهة قد تتسبب في مشاكل جلدية وتنفسية، مشيرة إلى أن التعرض المستمر لهذه الملوثات قد يؤدي إلى أمراض مثل الكوليرا والتهاب الكبد الفيروسي من النوع A، فضلًا عن اضطرابات في الكبد والكلى، وقد تتطور التأثيرات في المدى البعيد إلى أمراض أكثر خطورة.
ولا تقتصر خطورة الوضع على الجانب الصحي فقط، إذ يرى متتبعون أن استمرار تدفق المياه العادمة بهذا الشكل “يشوّه صورة المدينة” ويترك انطباعًا سلبيًا لدى الزوار الذين يستعملون هذا المدخل الحيوي، وهو ما يناقض الجهود المبذولة للحفاظ على جاذبية مراكش وصورتها كوجهة سياحية عالمية.
ويطالب عدد من الساكنة والمهتمين بتدخل عاجل لوضع حد لهذه الوضعية، عبر إصلاح شبكة التطهير السائل وتغطية هذا المجرى المفتوح، حمايةً للصحة العامة وصورة المدينة.
المصدر: العمق المغربي
