بعد فترة من خفوت النقاش بشأن ملف التعليم الأولي، تقول نقابتان للمربين إن التصريحات الأخيرة التي قدمها محمد سعد برادة، الوزير الوصي على القطاع، داخل مجلس النواب، بشأن إمكانية رفع مدة العقود التي تجمع الوزارة بالجمعيات إلى 5 أو سنوات، حتى يتسنى لها إبرام عقود غير محدودة المدة مع المربين، “خيّبت الآمال” بإدماج قريب في سلك الوظيفة العمومية.
قال برادة، خلال مناقشة الميزانية الفرعية للوزارة بلجنة التعليم، الأربعاء، إن الوزارة طلبت من مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين “مباشرة دراسة لرصد تأثير هذه الجمعيات (المدبرة لقطاع التعليم الأولي) في كل منطقة وانعكاسات هذا السلك على المستفيدين، من أجل تكوين نظرة شمولية عن هذا القطاع وما يضيفه للطفل”.
وتفاعلا مع إثارة النواب لعدم اعتماد هذه الجمعيات عقودا غير محدودة المدة CDI، برر برادة ذلك “بكون تعاقدها مع الوزارة يتم سنويا”. وأضاف: “لذلك، نشتغل حتى تصير مدة العقد بين الوزارة وبين الجمعيات على خمس أو ست سنوات، باستثناء إذا طرأ مشكل”.
وتحدّث المسؤول الحكومي نفسه عن “اشتغال الوزارة من أجل تحسين وضعية هؤلاء المربيات، من خلال ترقية أجورهن ووضعياتهن”، مشددا على أن “الجميع يجب أن يتقاضى أجوره في الوقت المحدد”.
استحضار المسؤولية
قال أشرف الهواري، الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم الأولي UMT، إن “قانون الشغل الذي يؤطر اشتغال المربين مع الجمعيات واضح، وينص على أن العقد المحدد لا يمكن أن تتجاوز مدته السنتين، مع إمكانية التجديد مرة واحدة”، معتبرا أن “وصول العقد لمدة خمس أو ست سنوات مخالف للقانون”.
وأضاف الهواري، في تصريح لهسبريس، أن “بعض الجمعيات الوطنية، التي يشتغل معها المربون، تعتمد العقود محددة المدة لسنة ثم لسنة أخرى، وبينما يجب قانونيا أن تمر إلى العقد غير المحدد المدة، فإنها لا تمكّن المربين من هذه العقود”.
وأشار الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم الأولي إلى أن “المؤسسة المغربية للنظام المعلوماتي، مثلا، تخبرنا بأننا تحولنا إلى العقود غير المحددة؛ ولكن نظاما معلوماتيا نشتغل به يفيدنا بخلاف ذلك، وتدفع الإدارة بوجود خطأ فقط”. كما أنه “رغم أن القانون يفرض زيادة في الأجر بنسبة 5 في المائة، بعد سنتين، وبنسبة 10 في المائة بعد خمس سنوات، فإننا ننقسم إلى فئة أضيفت لها الخمسة في المائة بعد عامين، وأخرى أضيفت ذات النسبة بعد خمسة أعوام”.
وفي هذا الصدد، شدد النقابي ذاته على أن “هذه إحدى نتائج الوساطة، فضلا عن عدم وضوح مهام المربين لتشمل تكليفهم بتتبع صحة الطفل والقيام بفحوصات”، معتبرا أن “المربين يعتقدون بأن هناك الوزارة تتملص من المسؤولية في إدماجهم بالوظيفة العمومية”.
وسجل الهواري أن “التدبير المفوض الغرض منه هو التهرب من المسؤولية”، منتقدا أن “أقسام التعليم الأولي أدمجت مع المدارس؛ ولكن يقولون إن الأمر يتعلّق فقط بالدمج البيداغوجي”.
وأكد المتحدث عينه على خطورة استمرار التدبير المفوض على الاستقرار المهني للمربين، وقال إنه “مصيرهم بفعل التعاقد مع الجمعيات يبقى مجهولا؛ فالجمعية يمكن أن تحل في أي وقت”.
“خيبة أمل”
يرى فيصل حلمون، نائب المنسق الوطني للجنة الوطنية للتعليم الأولي FNE، أن “التصريحات الأخيرة للوزير محمد سعد برادة بمجلس النواب تنطوي، بالفعل، على إبعاد سيناريو إدماج المربين بالوظيفة العمومية”.
وأضاف حلمون، في تصريح لهسبريس: “يأتي ذلك بعد أن كنا ننتظر تمخض الحراك الكامن بالقطاع والمتمثل في النزول إلى الشارع والوقفات الجهوية وكذلك البرنامج النضالي التصعيدي، الذي أعلن عنه التنسيق النقابي الثلاثي، عن التفاتة من الوزير بشأن الاستجابة لمطالب الشغيلة”.
وذكر نائب المنسق الوطني للجنة الوطنية للتعليم الأولي أن “المربين تفاجؤوا بالتهرب الذي مارسه الوزير بشأن مطالب الإدماج وغيرها من مطالب الشغيلة، خلال حلوله بمجلس النواب”، منتقدا “حديثه عن بلوغ التعميم في أفق 2028؛ بينما كان سلفه يتحدث عن سنة 2026”.
وتابع حلمون بأن “المربين سيستمرون إزاء هذا الوضع في التصعيد من خلال البرنامج النضالي المذكور، من أجل تحميل الوزارة المسؤولية الكاملة في الملف”.
حري بالذكر أن التنسيق النقابي الوطني للتعليم الأولي (CDT FNEUMT) يستعد لتجسيد وقفات إقليمية أمام مديريات وزارة التربية الوطنية، السبت المقبل، ووقفة وطنية ممركزة أمام مقر الوزارة الاثنين 8 دجنبر المقبل.
المصدر: هسبريس
