
لم يكتفِ الاحتلال الإسرائيلي بقتل البشر في غزة، بل قرّر سرقة التاريخ أيضًا. أكثر من 300 موقع أثري تعرّض للتدمير، وآلاف القطع التاريخية نُهبت من المتاحف والمواقع القديمة، في مشهدٍ يضيف جريمة جديدة إلى سجلٍّ طويل من الانتهاكات.
قصر الباشا الذي شيّده الظاهر بيبرس قبل سبعة قرون تحوّل إلى أطلال بعد أن نهب الاحتلال محتوياته النادرة، فيما سُوّي المسجد العمري الكبير بالأرض ومعه مخطوطات ومكتبات تعود لقرونٍ مضت. الاحتلال دمّر أيضًا سوق القيسارية وكنيسة القديس برفيريوس ومتحف الكنعانيين والحمام التركي، وخربة سعد.
الهدف لم يكن سرقة الأرض فقط، بل طمس الذاكرة الفلسطينية وإعادة كتابة التاريخ بروايةٍ مزوّرة تنكر وجود أصحاب الجذور الأولى لهذه الأرض. وبينما يُجرّم القانون الدولي استهداف أو سرقة المواقع الأثرية، يواصل الاحتلال خرق اتفاقية لاهاي لعام 1954 بلا رادع أو مساءلة.
ورغم الخراب، يرفض الفلسطينيون الاستسلام. شباب ومهندسون ومتطوعون يوثّقون ما تبقّى من الآثار بالتصوير والمسح الرقمي، ليؤكدوا أن التاريخ لا يُسرق والذاكرة لا تُمحى، وإن دُمّرت الحجارة فالشاهد باقٍ في الوعي والضمير الإنساني.
