لجأت امرأة أوروبية إلى المحكمة المدنية في دبي، بعدما فقدت مبالغ ضخمة من العملات الرقمية، حوّلتها إلى امرأة أخرى ضمن اتفاق بينهما لتسييلها مقابل شيكات بنكية لشراء عقار، إلا أن الأخيرة لم تلتزم بما وعدت به، وادعت لاحقاً سرقة العملات من محفظتها، من دون أن تقدم دليلاً واحداً على ذلك، ما دفع المحكمة إلى إلزامها برد مبلغ مليونين و281 ألفاً و99 درهماً، تمثل قيمة المبالغ المحوّلة والتعويض.

وتفصيلاً، أقامت امرأة أوروبية دعوى مدنية ضد أخرى كانت تتواصل معها عبر أحد تطبيقات التواصل المخصصة للدردشة بهدف تحويل العملات الرقمية إلى دراهم، وطلبت إلزامها بسداد مليونين و261 ألف درهم، تمثل قيمة الشيكات التي كان يفترض إصدارها مقابل تحويل عملة رقمية تبلغ قيمتها 621 ألفاً و533 دولاراً أميركياً من محفظة المدعية الإلكترونية إلى محفظة المدعى عليها، إضافة إلى الفائدة القانونية والرسوم والمصروفات.

وأوضحت المدعية أن الاتفاق جرى على أساس أن تقوم المدعى عليها بتسييل العملات الرقمية، وتسليمها المبلغ بالدرهم عبر شيكين، أحدهما يمثل عربوناً بنسبة 10% لصاحب عقار خططت لشرائه، والآخر شيك مدير بقيمة المبلغ المتبقي، إلا أن المدعى عليها، بعد تأكيدها استلام العملات الرقمية، لم تصدر أي شيك، ولم تُعد المبالغ، وبدأت التذرع بتعرض محفظتها للسرقة، دون مستند أو بلاغ أو أي إثبات يدعم أقوالها.

وأضافت المدعية أنها تكبدت غرامة بنسبة 10% من قيمة العقار، نتيجة عدم تمكنها من السداد للمالك بسبب إخلال المدعى عليها بالاتفاق، كما فقدت المبلغ المحوَّل كاملاً، رغم المحاولات الودية لإلزام الأخيرة بالسداد.

وباشرت المحكمة نظر الدعوى، وندبت لجنة خبرة ثنائية متخصصة في تداول الأوراق المالية والتقنيات الرقمية، لفحص المحافظ الإلكترونية والتحويلات، وانتهى تقرير الخبرة إلى أن المدعية حوّلت فعلياً عملات رقمية بقيمة 621 ألفاً و533 دولاراً من محفظتها إلى المحفظة التي زودتها بها المدعى عليها، دون أن تقدم الأخيرة ما يثبت إعادة المبالغ أو إصدار الشيكات المتفق عليها.

وأكدت الخبرة أن ادعاء المدعى عليها بسرقة العملات غير مدعَّم بأي دليل، وأن المراسلات بين الطرفين تثبت استلامها للمبلغ، مشيرة إلى عدم وجود اتفاق مكتوب، إلا أن التعامل تم فعلاً، وثبتت تفاصيله من خلال التحويلات الإلكترونية.

وبيّنت المحكمة أن المدعى عليها لم تحضر أي جلسة رغم إعلانها قانوناً، ولم تقدم دفاعاً أو مستندات تدعم موقفها، فاعتُبر الحكم بمثابة الحضوري وفقاً للقانون.

وبعد نظر الدعوى، أوضحت المحكمة في حيثيات حكمها أن ما ورد في تقرير الخبرة من مراسلات وتحويلات مالية ثابتة بين الطرفين، يكفي لقيام علاقة اتفاقية مكتملة الأركان، إذ إن «العقد يتم بتطابق الإرادتين ولو كان غير مكتوب»، وأن المدعى عليها قبلت استلام العملات الرقمية، وعزَّزت هذا القبول من خلال تواصلها المؤكد بالاستلام، ووعدها بإصدار الشيكات، وهو ما يشكل تعبيراً صريحاً عن إرادتها في الالتزام.

وأكدت أن ما أثارته المدعى عليها بشأن تعرض محفظتها الرقمية للسرقة هو محض قول مرسل، لا يسانده مستند ولا بلاغ رسمي ولا تقرير تقني، وأن عدم تقديمها إثباتاً واحداً يطيح بادعائها، ويجعل واقعة «السرقة» غير ذات قيمة قانونية، ولا أثر لها في إبراء ذمتها من التزام ثابت.

وأشارت المحكمة إلى أنها تطمئن إلى تقرير الخبرة الفنية، لكونه «جاء مفصلاً ومسبباً ومبنياً على فحص تقني دقيق للمحافظ الإلكترونية، وله أصل ثابت بالأوراق»، وأن الخبيرين باشرا المأمورية وفقاً لاختصاصهما، وهو ما يجعل ما توصلا إليه أساساً صالحاً للاعتماد عليه في الفصل في النزاع.

وانتهت إلى أن امتناع المدعى عليها عن إصدار الشيكات المتفق عليها، وعدم رد قيمة العملات الرقمية، وغيابها عن الجلسات دون مبرر، كلها قرائن جدية على إخلالها بالتزاماتها العقدية، وأن «الوفاء بالالتزام هو عبء على المدين وحده»، ما دامت المدعية قد أثبتت قيامها بتنفيذ ما عليها من التزامات.

ورأت أن أفعال المدعى عليها تُعدّ «فعلاً ضاراً موجباً للتعويض»، وفقاً لأحكام المسؤولية التقصيرية في قانون المعاملات المدنية، نظراً لما ترتب على إخلالها من خسائر مادية ولحق بالمدعية من أضرار مالية مباشرة، وغرامات نتيجة عدم تنفيذ الصفقة العقارية.

وقضت المحكمة بإلزام المدعى عليها بأن تؤدي للمدعية مبلغ مليونين و261 ألفاً و99 درهماً إضافة إلى تعويض قيمته 20 ألف درهم من تاريخ المطالبة القضائية وحتى السداد، مع إلزامها برسوم ومصروفات الدعوى، ومبلغ 1000 درهم مقابل أتعاب المحاماة.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

المصدر: الإمارات اليوم

شاركها.