ترأس عبد السلام بكرات، والي جهة العيون الساقية الحمراء، اليوم الخميس، أشغال اللقاء التشاوري الجهوي حول “الجيل الجديد من برامج التنمية المندمجة”، الذي احتضنته قاعة الاجتماعات بمقر الولاية، بمشاركة ممثلي المصالح الخارجية، والمنتخبين، والفاعلين الاقتصاديين، وممثلي المجتمع المدني، وذلك في إطار التنزيل الجهوي للتوجيهات الملكية الداعية إلى بلورة رؤية تنموية جديدة تقوم على التشاور، والالتقائية، والنجاعة في تدبير البرامج الترابية.

وفي كلمة له بالمناسبة، أكد عبد السلام بكرات أن “هذا اللقاء يندرج في إطار التعليمات الملكية السامية التي تضمنها خطاب العرش ليوم 29 يوليوز 2025، والتي دعا فيها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده، إلى إطلاق جيل جديد من برامج التنمية الترابية المندمجة، تسريعا لوتيرة المغرب الصاعد، وتجسيد اللرؤية الملكية الرامية إلى تحقيق تنمية متوازنة وعدالة مجالية شاملة”.

وأضاف والي الجهة أن “الملك محمدا السادس جدد خلال عيد العرش المجيد وفي افتتاح الدورة البرلمانية التأكيد على هذا الورش الملكي الاستراتيجي، موجها تعليماته السامية بضرورة تبني مقاربة تشاركية منفتحة تشمل مختلف المجالات الترابية، لا سيما المناطق القروية والهشة والواحات والمناطق الساحلية ذات الطابع البيئي الدقيق، لضمان تنزيل فعال ومستدام للسياسات العمومية وفق رؤية منسجمة ومندمجة”.

وأوضح المسؤول الأول بالأقاليم الجنوبية أن “هذا اللقاء الجهوي يأتي تنفيذا للتوجيهات الملكية الرشيدة وانخراطا فعليا لجهة العيون الساقية الحمراء في دينامية إعداد تشخيص دقيق ومشترك بمشاركة جميع الفاعلين الترابيين، من سلطات ومنتخبين ومجتمع مدني وقطاع خاص، قصد تحديد أولويات التدخل وتوحيد الجهود وفق تصور تنموي متكامل”.

وبيّن والي العيون أن اللقاء لا يروم فقط تقديم المقترحات أو تحديد الميزانيات، بل يهدف أساسا إلى تحليل مكامن القوة والضعف في القطاعات الحيوية الستة، وهي: “التربية والتعليم والتعليم العالي والتكوين المهني، الصحة، الماء، التشغيل وخلق فرص العمل، والتنمية المجالية، وذلك من أجل بلورة رؤية مندمجة تنطلق من الواقع المحلي وتستجيب لأولويات الساكنة”.

وأشار بكرات إلى أن هذا “اللقاء يمثل الانطلاقة الفعلية لمسلسل تشاوري موسّع، سيتوج بإطلاق ورشات موضوعاتية ابتداء من يوم الاثنين المقبل تمتد لأسبوع كامل، بهدف إعداد تقارير بحثية وعلمية تُتوج بتوصيات دقيقة تراعي خصوصية الجهة وحاجياتها التنموية”، لافتا إلى أن “الجميع مدعو اليوم إلى المساهمة في الورشات لإبداء الرأي والمشاركة في خلق تصور شامل للتنمية المنشودة”.

وشدد المسؤول الترابي ذاته على أن المجتمع المدني يشكل الحلقة المركزية في هذا الورش الوطني، باعتباره المرآة الصادقة لتطلعات المواطنين، مبرزا أن “المؤسسات العمومية تتوفر على تشخيصات دقيقة، غير أن نجاح التنمية مرهون بانخراط الفاعلين المحليين ومبادراتهم الميدانية”.

وأنهى عبد السلام بكرات كلمته بالتشديد على أن “كل مغربية ومغربي مسؤول عن الإسهام في بناء الوطن، والتوصيات التي ستنبثق عن هذا المسار التشاوري سيتم رفعها بما ينسجم مع خصوصية واحتياجات كل منطقة على حدة، تنفيذا للتوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس، الذي جعل من المواطن محور التنمية وغايتها”.

وتناول العرض المقدم خلال الاجتماع التشاوري مختلف المرجعيات المؤطرة للجيل الجديد من برامج التنمية الترابية المندمجة، مستحضرا بالأساس التعليمات الملكية الواردة في خطاب العرش ليوم 29 يوليوز 2025، وما تضمنه من دعوة صريحة لإطلاق جيل جديد من البرامج التنموية المتكاملة التي تسرّع وتيرة المغرب الصاعد، وتعزز العدالة المجالية وتكافؤ الفرص بين مختلف الأقاليم والجهات.

كما تمت الإشارة إلى ما ورد في الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية، الذي شدد فيه عاهل البلاد على ضرورة إعداد هذه البرامج ضمن مقاربة شمولية تراعي الخصوصيات المحلية وتستند إلى التشاور الواسع والإصغاء لتطلعات المواطنين.

واستعرض العرض في محوره الثاني مرتكزات المسار التشاوري الذي أُطلق على صعيد الجهة، والذي يقوم على خمسة مبادئ توجيهية كبرى، تشمل: التشاور الواسع مع مختلف الفاعلين المحليين، والتركيز على المناطق الهشة والمجالات التي تعاني من ضعف في التنمية، وتقاسم التجارب الناجحة وتثمينها، وإبراز الخصوصيات المحلية لكل تراب على حدة، وإعداد تشخيص ترابي شامل ودقيق يحدد نقاط القوة والضعف ويقترح حلولاً عملية قابلة للتنفيذ.

أما المحور الثالث من العرض، فقد ركّز على القطاعات الستة ذات الأولوية في هذا الجيل الجديد من البرامج، مبرزا أن “الهدف من هذه المشاورات لا يتمثل فقط في اقتراح المشاريع أو تحديد الميزانيات، بل في إرساء رؤية مندمجة تنطلق من الواقع المحلي وتستجيب لحاجيات الساكنة، مع إعطاء الأولوية لتعزيز جودة الخدمات العمومية وتقريبها من المواطنين”.

وفي المحور الرابع، أوضح العرض أن هذا اللقاء يُشكل المرحلة التمهيدية لمسار تشاوري متكامل سيفضي إلى إطلاق ستّ ورشات موضوعاتية تضم مختلف الفاعلين الترابيين والمؤسساتيين والمدنيين، قصد إعداد تقارير تركيبية وتحليلية تشمل تشخيص الوضع الراهن واقتراح مداخل عملية للتدخل.

في هذا الصدد، قال عبد الوهاب الكاين، رئيس منظمة “أفريكاووتش”، إن ولاية جهة العيون الساقية الحمراء شهدت انطلاقة اللقاءات التشاورية الخاصة بالإعداد لجيل جديد من برامج التنمية الترابية المندمجة، مشيرا إلى أن “هذه المبادرة تندرج في إطار السياسة التنموية الوطنية والجهوية المتقدمة، التي أرست دعائمها الخطب الملكية السامية، وتهدف إلى تعزيز التضامن والإنصاف بين الجهات، لا سيما بين المناطق الحضرية والقروية والجبلية والمعزولة، مع تلبية الاحتياجات المحلية ودعم انخراط المجتمع المدني في صميم العملية التنموية”.

وأضاف الكاين، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن اللقاء التشاوري بولاية جهة العيون يُعتبر فرصة لإطلاق مشاورات مكثفة بين مختلف الفاعلين المحليين، من سلطات منتخبة وإدارات وفاعلين اقتصاديين ومجتمع مدني، وذلك في إطار ست ورشات موضوعاتية تتناول محاور رئيسية تشمل التعليم والصحة والتشغيل والاستثمار، التهيئة الحضرية، والماء، بهدف وضع تشخيص دقيق للواقع، وتحليل التحديات، وتقديم مقترحات وتوصيات لتحسين السياسات التنموية وتجويد المشاريع بما يتماشى مع تطلعات الساكنة.

وشدد المتحدث على أن مبدأ التشاور والتشاركية يشكل حجر الأساس في هذا الورش الوطني، معتبرا أن “المشاركة المكثفة للفاعلين المحليين ضرورية لابتكار حلول ومشاريع تنموية مندمجة، تعكس الاحتياجات الحقيقية للإقليم وتترجمها إلى برامج تنفيذية قابلة للمتابعة والتقييم”، مضيفا أن “دور المجتمع المدني محوري في إثراء هذه المشاورات وتقديم مقترحات دقيقة تعكس الانشغالات المحلية”.

وسجل نائب منسقة تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية أن هذه الورشات تهدف إلى تعزيز نهج تشاوري محلي قائم على الانصات لجميع أصحاب المصلحة، والعمل على إجراء تقييم إقليمي دقيق لواقع التنمية وقياس أثرها على الساكنة، بما يراعي التداخل بين العوامل الاقتصادية والاجتماعية والخصوصيات المحلية، مشيرا إلى أن “النجاح في هذه العملية مشروط بالتعاون والتأييد المتبادل بين مختلف الشركاء المحليين والجهويين”.

كما دعا المتحدث المجتمع المدني والفاعلين المحليين إلى الانخراط الفاعل في الورشات الست، والمساهمة بأفكارهم ومقترحاتهم من أجل تجويد السياسات والمشاريع الحكومية على مستوى الإقليم، مشددا على أن “المشاركة الجماعية والإرادة الصادقة للفاعلين المحليين هي الضمانة الأساسية لإنجاح البرامج التنموية المندمجة وتحقيق أثر ملموس على الواقع المحلي”.

من جانبه، يرى الفاعل المدني الحبيب عيديد أن هذا اللقاء التشاوري يأتي في سياق التوجيهات الملكية السامية التي تضمنها خطاب العرش الأخير، وكذا خطاب افتتاح الدورة البرلمانية لشهر أكتوبر، اللذين شدد فيهما الملك محمد السادس على إعطاء انطلاقة جيل جديد من برامج التنمية الترابية المندمجة.

وأوضح عيديد، ضمن إفادة لهسبريس، أن إقليم العيون، برئاسة والي الجهة، أعطى اليوم انطلاقة هذا الورش التنموي الكبير بحضور الفاعلين الاقتصاديين، وممثلي المصالح اللاممركزة، والمنتخبين، وفعاليات المجتمع المدني، مبرزا أن “كلمة الوالي التوجيهية وضعت الإطار العام لهذا اللقاء وأهدافه الاستراتيجية، التي تتمثل أساسا في إعداد تشخيص دقيق لمختلف الأوراش والمجالات الحيوية ذات الارتباط الوثيق بحياة المواطنين”.

وأضاف المتحدث أن اللقاء ركز على قطاعات أساسية هي: التعليم، الصحة، التشغيل، الماء، والتأهيل الترابي، مشيرا إلى أن “هذه الملفات تشكل قضايا محورية تتطلب من مختلف الفاعلين تقديم مقترحات عملية وتشخيصات موضوعية لتجاوز الإكراهات وتعزيز النجاعة في تدبير البرامج التنموية”.

وختم عيديد تصريحه بالإشارة إلى أن الاجتماع تضمن عرضا شاملا حول الوضعية الراهنة للقطاعات الاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك البرنامج التنموي الجديد ومبادرة التنمية البشرية، أعقبه نقاش أولي مثمر بين مختلف المشاركين، على أن تتواصل هذه الدينامية من خلال إطلاق الورشات الست الموضوعاتية الأسبوع المقبل، التي ستُفتح، بحسبه، “أمام جميع الفاعلين المحليين من أجل تقديم تصوراتهم ومساهماتهم في بناء رؤية تنموية مندمجة تستجيب لتطلعات ساكنة الإقليم”.

حري بالذكر أن أشغال هذه الورشات ستتواصل على مدى أسبوع، لتتم في ختامها بلورة توصيات وتصورات عملية تُرفع إلى الجهات المركزية، بهدف صياغة برنامج تنموي ترابي من الجيل الجديد يعكس خصوصيات جهة العيون الساقية الحمراء ويستجيب لأولوياتها الاستراتيجية.

المصدر: هسبريس

شاركها.