قالت النائبة البرلمانية نبيلة منيب، خلال الجلسة العمومية المخصصة لمناقشة الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2026، إن المشروع “جاء بلا حدث” رغم الظرفية الدولية والوطنية الاستثنائية، معتبرة أن الحكومة لم تستحضر التحولات الكبرى التي يعرفها العالم.

وأوضحت منيب أن المغرب ليس بمنأى عن التوترات الجيوسياسية والكساد الاقتصادي العالمي والتحالفات السياسية والعسكرية المدعومة بتكنولوجيا واسعة للتحكم في المعلومات، مؤكدة أن المشروع الحالي لم يتعامل مع هذه المتغيرات بل اكتفى بالحلول التقنية والمالية.

وأضافت أن الحكومة كان عليها استحضار القرار الأممي الأخير رقم 2797 وانتفاضة الفئات الواسعة وشباب جيل Z212، والعمل على تحصين الوطن بالديمقراطية ومحاربة الفساد والاستبداد، بدل الاقتصار على تمرير ميزانية تقليدية.

واستنكرت منيب ما سمته نزعة لتفريغ السياسة من مضمونها، معتبرة أن الحكم ليس مجرد توزيع ميزانية، بل هو تشريع في الاتجاه الصحيح، متسائلة عن أسباب نزع حق جمعيات المجتمع المدني في تقديم الشكايات بشأن اختلاس المال العام، وتقييد صلاحيات النيابة العامة، وسحب مشروع الإثراء غير المشروع.

كما انتقدت ما وصفته بـ”العودة إلى منطق التضييق على حرية التعبير”، مشيرة إلى المقتضيات التي تجرم التشكيك في نزاهة الانتخابات، وأضافت ساخرة: “موسى شكك في الله ولم يقع له شيء، واليوم من يشكك في الانتخابات قد يعاقب بالحبس والغرامة”.

وفي سياق انتقادها لغياب الإصلاحات السياسية الجوهرية، تساءلت منيب عن مصير مشروع العفو العام ومكافحة تضارب المصالح، مشددة على أن تقديم مشروع قانون المالية يجب أن يكون محطة سياسية بامتياز، لا مجرد تمرين محاسباتي.

واعتبرت أن الحكومة تكرر منذ 26 سنة نفس الخطاب حول الاستثمار دون تقييم حقيقي للنتائج، مؤكدة أن الاستثمار الأجنبي المباشر لم يحقق الطموحات المرجوة، وأن التركيز يجب أن يكون على دعم المقاولة الصغرى والمتوسطة ووضع خطة وطنية لمحاربة الريع والاحتكار والفساد.

كما انتقدت غياب الأمن الطاقي والإصلاح الضريبي العادل، مؤكدة أن السياسات الجبائية استهدفت الطبقات الفقيرة والمتوسطة، في حين منحت الحكومة إعفاءات وتسهيلات للشركات الكبرى، حتى الرياضية منها، بينما تدهورت معيشة 80 في المئة من الأسر ولم تتمكن سوى 3 في المئة من الادخار.

وتساءلت منيب عن كيفية تحقيق التنمية المندمجة في غياب جهوية حقيقية، وانتقدت استمرار المقاربة الإقصائية في برامج الدعم المباشر الهزيل، معتبرة أنها تكرس الفقر بدل محاربته.

وختمت مداخلتها بتحذير من المديونية المفرطة والخوصصة وبيع أصول الدولة وثرواتها، معتبرة أن هذا المسار يفرغ الدولة من سيادتها الاقتصادية وقرارها الوطني لصالح المستثمرين الأجانب والشركات الكبرى التي تسيطر على القطاعات الحيوية من ماء وفلاحة وصناعة وتكنولوجيا.

وأكدت النائبة أن المغرب بحاجة إلى مشروع وطني ديمقراطي يضمن توزيعًا عادلاً للثروة ويحمي المجتمع من الفساد والاحتكار والاستبداد، داعية إلى مقاومة سياسية ومدنية حقيقية دفاعًا عن الكرامة والسيادة والعدالة الاجتماعية.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.