أظهرت مقاطع فيديو تداولتها منصات التواصل أطفالاً، وهم يحملون أسلحة، ويكرّرون شعارات تحريضية، مما يسلط الضوء على خطورة الظاهرة وتفاقم انتهاكات حقوق الطفل في السودان.

التغيير: الخرطوم

منذ اندلاع حرب السودان، تشير تقارير محلية ودولية وتحقيقات ميدانية إلى نمط متزايد من استهداف الأطفال داخل المدارس ورياض الأطفال بغرض تجنيدهم أو تجييشهم سياسياً وعسكرياً منذ بواكير النزاع في أبريل 2023.

وتشمل هذه الممارسات تلقين الأطفال شعارات مسيسة، تقديم حوافز مادية أو تعليمية للانخراط في النزاع، واستغلال المؤسسات التعليمية لنشر خطاب عدائي.

وأظهرت مقاطع فيديو تداولتها منصات التواصل أطفالاً، وهم يحملون أسلحة، ويكرّرون شعارات تحريضية، مما يسلط الضوء على خطورة الظاهرة وتفاقم انتهاكات حقوق الطفل في السودان.

ويشكل تجنيد الأطفال في سياق حرب السودان انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، ويُعد جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. ويخضع الوضع القانوني للأطفال الجنود في السودان للعديد من المعاهدات والمواثيق الدولية التي صادق عليها السودان.

ومنذ تفجر القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، شهدت البلاد تدهوراً واسعاً في الخدمات الأساسية وارتفاعاً ملحوظاً في المخاطر التي يتعرض لها الأطفال. المدارس أُغلقت في مناطق النزاع، وتشير تقارير المنظمات الدولية إلى تعرض الأطفال لانتهاكات تشمل التجنيد القسري، التعرض للقتل والإصابات، والحرمان من التعليم.

وقد صنّفت هذه المنظمات وضع الأطفال في السودان على أنه يشكل تهديداً جسيمًا لمستقبلهم وحقوقهم الأساسية.

أنماط الاستغلال

وظهرت خلال حرب السودان عدة أنماط لاستغلال الأطفال، مع وجود حالات تجنيد مباشر للأطفال للانخراط في النزاع، سواء عن طريق شبكات قبلية أو مجتمعية، أو من خلال ضغوط على الأطفال داخل المدرسة.

رصدت وسائل إعلام ومنظمات مقاطع فيديو تظهر أطفالاً يحملون أسلحة،

وتستخدم بعض المؤسسات التعليمية كمنابر لتجييش الرأي، حيث تُقام فعاليات مدرسية أو تجمعات يُستخدم فيها الأطفال لنشر شعارات سياسية مسلحة أو تحريضية ضد القوى المدنية أو خصوم مسلحين.

وتقدَّم أحياناً حوافز مادية أو تعليمية، مثل الإعفاء من الامتحانات أو التميز الدراسي، لأطفال ينخرطون في هذه النشاطات، وهو ما يمثل انتهاكاً صارخاً للمعايير الدولية الخاصة بحقوق الطفل.

ورصدت وسائل إعلام ومنظمات مقاطع فيديو تظهر أطفالاً يحملون أسلحة، ويكررون شعارات تحريضية ضد القوى المدنية والسياسية، مما يشكل دليلاً على استغلالهم المباشر، مع ضرورة التحقق الدقيق من مصدرها وموثوقيتها قبل التعامل معها كدليل.

وأظهرِ مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي طفلاً عمره أربع سنوات يحمل سلاحاً، ويقول إنه متجه إلى الخرطوم لقتل عناصر الدعم السريع.

ويمثل هذا المثال ذروة استغلال الأطفال، حيث يظهر قاصر صغير جداً بمحتوى تحريضي وعنيف.

وطالب حقوقيون ونشطاء بالتعامل مع مثل هذه المواد بحذر شديد، والتحقق من مصدرها، وظروف تصويرها، والحفاظ على هوية الطفل وسلامته قبل نشر أي محتوى.

تجنيد الأطفال أو استخدامهم في النزاعات المسلحة محظور بموجب اتفاقيات حقوق الطفل والبروتوكولات الإضافية الخاصة بحماية الأطفال في النزاع المسلح.

وتمثل هذه الممارسات انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية، ويترتب عليها مسؤولية محاسبة الأطراف المتورطة وإعادة تأهيل الأطفال المتأثرين. وتُطالب الدولة وأي جهة فاعلة ضمان حماية المؤسسات التعليمية ومنع أي أنشطة سياسية أو عسكرية داخلها.

تداعيات الاستغلال

ويؤدي استغلال الأطفال، بحسب تربويين، إلى فقدان التعليم وفرص المستقبل، كما يترك آثاراً نفسية واجتماعية عميقة على الأطفال والمجتمع ككل. إذ يصبح الأطفال ضحايا لأيديولوجيات عنيفة، وينشأ جيل معرض لمزيد من الانقسامات على أساس عرقي أو قبلي أو سياسي. كما يقوض هذا الوضع مستقبل التعليم، ويهدد استقرار المجتمع على المدى الطويل.

وفي ظل تزايد حالات استغلال الأطفال سياسياً وعسكرياً داخل المدارس، عبّر حقوقيين وناشطين ومواطنين على منصات التواصل عن مطالب عاجلة لحماية الأطفال. دعا الحقوقيون إلى فتح تحقيقات مستقلة في كل حالات تجنيد الأطفال داخل مؤسسات التعليم، ومحاسبة الأطراف المسؤولة، مع تنفيذ برامج إعادة إدماج نفسية وتعليمية للضحايا.

وأكد الناشطون أن على السلطات حماية المدارس ومنع أي نشاط سياسي أو عسكري داخلها، مع تعزيز دور الرقابة المجتمعية والإبلاغ عن أي حالة اشتباه.

كما طالب المواطنون بضرورة توعية الأهالي بمخاطر استغلال الأطفال، وفصل أي أنشطة مدرسية عن أي خطاب تحريضي، وحماية هوية الأطفال وعدم نشر أي محتوى قد يزيد تعرضهم للخطر. وشددوا على أن الإعلام يجب أن يتعامل مع مقاطع الفيديو والصور بحذر شديد، مع مراعاة السلامة النفسية والجسدية للأطفال قبل أي نشر أو تداول.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.