أمد/ حيفا: أعرب مركز عدالة عن قلقه الشديد من قرار المحكمة الصلح في حيفا الصادر يوم الخميس 13 نوفمبر 2025، والذي قضى بإدانة القيادي في لجنة المتابعة، رجا إغبارية، في جميع البنود المنسوبة إليه على خلفية عشرة منشورات على صفحته في موقع “فيسبوك” تعود إلى أعوام 20172018، اعتبرتها النيابة العامة “تحريضًا على الإرهاب” و”تأييدًا لتنظيم إرهابي”، استنادًا إلى قانون “مكافحة الإرهاب” الإسرائيلي 2016.
وجاء هذا القرار بعد أكثر من سبع سنوات من المداولات القضائية، ترافع خلالها طاقم مركز عدالة الحقوقي، ممثلًا بمديره العام المحامي د. حسن جبارين والمحامية هديل أبو صالح. وقد قدم خلالها الادلة والبينات التي تثبت ادعاءات رجا بما يتعلق بقانونية التعبير، مؤكدًا أن لائحة الاتهام غير دستورية وتمثل انتهاكًا صارخًا لحرية التعبير والعمل السياسي المشروع، كونها تستند إلى مصطلحات قانونية فضفاضة تُستخدم بشكل انتقائي ضد المواطنين الفلسطينيين داخل إسرائيل.
وكان طاقم الدفاع قد ترافع في الجلسة الختامية بتاريخ 2 تموز 2025، مطالبًا بتبرئة إغبارية من جميع التهم، مشددًا على أن استمرار المحاكمة يُشكّل سابقة خطيرة في ملاحقة الخطاب السياسي الفلسطيني وانحرافًا عن المبادئ الأساسية للعدالة والحق الدستوري في التعبير الحر، خاصة بما يتعلق بحرية التعبير عن الرأي السياسي.
كما أشار الدفاع إلى أن المادتين 24(أ) و24(ب) من قانون “مكافحة الإرهاب” تعانيان من غموض قانوني خطير، إذ تستند النيابة في استخدامها لهما إلى مصطلحات فضفاضة مثل “تمجيد”، “تعاطف”، و”تأييد”، دون تعريف دقيق أو اختبار موضوعي لنوايا المتحدث أو لتأثير كلامه. كما بيّن الدفاع أن معظم المنشورات المنسوبة لإغبارية هي مشاركات لمواد منشورة مسبقًا من جهات أخرى لم تُلاحق قضائيًا، ما يبرز الطابع الانتقائي والتمييزي في تطبيق القانون ضد الأصوات السياسية الفلسطينية، وخصوصًا القيادية منها.
وفي حينه أكد طاقم الدفاع أن النيابة لم تقدّم أي دليل يثبت أن منشورات إغبارية أدّت أو قد تؤدي إلى أعمال عنف، وهو شرط أساسي لتجريم “التحريض” بحسب القانون، كما أنها تعمدت تضخيم وتحريق قصده وإخراج المصطلحات المُستخدمة في المنشورات من سياقها السياسي الاجتماعي السائد، علاوةً على أنها لم تُقدّم أي شهادات خبراء تبيّن كيفية تلقّي الجمهور لهذه المنشورات.
مع ذلك، لم تأخذ المحكمة بعين الاعتبار هذه الادعاءات الجوهرية في قرارها، الأمر الذي اعتبره مركز عدالة دليلًا إضافيًا على تزايد النزعة القضائية نحو مأسسة القمع السياسي عبر أدوات قانونية، وفي مقدمتها قانون “مكافحة الإرهاب”. وأكّد المركز بأن هذا بالضبط ما حذر منه عند سن القانون، وهو استخدامه لتجريم الخطاب السياسي في والمدني في الداخل.
في أعقاب القرار، صرّح المدير العام لمركز عدالة، المحامي د. حسن جبارين: ” هذا القرار مُتطرف بكل معنى الكلمة، الإدانة بكل التُهم وبكل المنشورات يُثبت ما قلناه، بأن الأمر لا يتعلق بمنشورات على فيسبوك، بل بمحاولة مأسسة سياسة كمّ الأفواه والعودة للحكم العسكري. هذا القرار يشكّل سابقة خطيرة تمسّ بالحقوق الدستورية وبالحقّ في حرية التعبير والعمل السياسي”.
