التقي البشير الماحي


التقي البشير الماحي

من الأسباب الرئيسية التي يستند إليها البعض في وقوفهم إلى جانب الجيش في حربه أمام الدعم السريع أن الجيش مؤسسة عريقة ولا أحد يستطيع إنكار ذلك أو إنكار دوره في حماية الوطن من الأخطار والأطماع الخارجية. غير أن المشكلة تبدأ عندما يختطف هذه المؤسسة فرد يجلس على قمتها وهي مؤسسة هرمية القيادة تحكمها التراتبية العسكرية الصارمة فيجعلها أداة لمصلحته الشخصية وطموحاته السلطوية.
قد رأينا ذلك خلال رئاسة المخلوع البشير للسودان وللقوات المسلحة إذ استخدم المؤسسة وجيّرها لصالح طموحاته حتى داخل حركته التي أتت به رئيسًا وذهب مرشدها إلى السجن حبيسًا.

ظل المخلوع ثلاثين عامًا رئيسًا للبلاد دون أن يتداول السلطة حتى مع من هم داخل حركته مما أدى إلى نشوء مراكز قوة ونفوذ شاركت في الحكم بالأصالة واستمدت سطوتها من رئاسته المتطاولة.
اصبح أحدهم فريقًا أول يستمد قوته من أسرة الرئيس والآخر يمثل حمايته التي اشتقها من اسمه فصار حاميًا للرئيس لا الوطن

هذه المؤسسة اليوم تُمتَحن بنفس التفاصيل السابقة إذ تسيطر عليها قوة تمثل أكبر مهدد أمني لها ولوجودها على الخارطة.
لا يمكن تصور فشل أكبر من الفشل الأمني الذي حدث في السودان منذ وجوده علي الخريطة. ولو كان هناك شخص واحد ينبغي أن يغادر احترامًا لهذه المؤسسة لكان هو عبد الفتاح البرهان إذ يكفي ما حدث وما آلت إليه أوضاع البلاد في عهده.

لم يُمتحن السودان ولا السودانيين كما امتحنوا في عهده منذ مجزرة فضّ الاعتصام ذلك الشرخ الأول الذي امتحن الناس في خياراتهم وولاءاتهم وهو ولاء للمؤسسة لم يكن يتطلب حتى السؤال.

إن الإصلاح الحقيقي لهذه المؤسسة يبدأ بإيقاف الحرب ولو على طريقة الارتداد المأمون التي قام بها سيدنا خالد بن الوليد حين انسحب بعد مقتل ثلاثة من قادة الجيش فآثر الانسحاب بخطة حافظت على جيشه وسُجل ذلك له انتصارًا ولقيادته الفذّة.
فلا يمكن تصور عملية إصلاح للمؤسسة العسكرية تحت أصوات المدافع ودويّ الرصاص وأول خطوات الإصلاح أن يستقيم عودها ليستقيم ظلها.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.