أكد البرلماني والأستاذ الجامعي عبد الرحيم بوعيدة أن قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2797 يمثل لحظة فاصلة في مسار قضية الصحراء المغربية، معتبرا أنه وضع حدا لما سماه “أسطورة دامت أكثر من خمسين سنة”تتعلق بشعار الانفصال وادعاء حق تقرير المصير، مؤكدا أن الخيار الواقعي والوحيد اليوم هو الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
وأوضح بوعيدة، خلال ندوة نظمتها كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، أنه يتحدث بصفته أستاذا جامعيا قبل أن يكون برلمانيا، لأن الجامعة حسب تعبيره تقتضي نقاشا علميا موضوعيا يقرأ القرار الأممي بلغة القانون ويحلله بدقة من زاوية وطنية مسؤولة، مشددا على أن قراءة هذا القرار تتطلب الحذر والعمق في فهم رهاناته القانونية والسياسية.
وأضاف أن المغرب يعيش اليوم مرحلة تنزيل خيار الحكم الذاتي الذي طرحه منذ سنة 2007، معتبرا أن الكرة باتت في ملعب النخب المغربية التي عليها تقديم تصورات عملية لتفعيل هذا المشروع، موضحا أن الحكم الذاتي هو “حل لا غالب فيه ولا مغلوب”، ويشكل قاعدة للتفاوض وفق رؤية سيادية متكاملة.
وأشار بوعيدة إلى أن المغرب يحظى بدعم واسع من قوى دولية كبرى، من بينها الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا وبريطانيا، مبرزا أن عدم استخدام روسيا والصين لحق الفيتو داخل مجلس الأمن يمثل في حد ذاته موقفا إيجابيا يعزز موقع المغرب داخل المنتظم الدولي.
وشدد المتحدث على أن مبدأ تقرير المصير لا يعني بالضرورة الاستفتاء أو الانفصال، بل يمكن أن يتحقق عبر الحكم الذاتي باعتباره أحد أشكال هذا المبدأ وفق قراءات متعددة في القانون الدولي، مضيفا أن العالم اليوم يتجه نحو الاندماج لا التفتيت، وأن الرهان الحقيقي يكمن في جعل الحكم الذاتي آلية للتنمية والوحدة الوطنية.
ودعا بوعيدة إلى تجاوز الخطابات المتشنجة في التعامل مع ملف الصحراء، والانتقال إلى خطاب “الطمأنة والإدماج”، خاصة في حال قبول عناصر من جبهة البوليساريو بهذا الخيار وعودتهم إلى المغرب، مؤكداً أن فهم الثقافة والسوسيولوجيا المحلية للأقاليم الجنوبية يشكل مفتاحا أساسيا لنجاح أي مشروع إدماج مستقبلي.
كما انتقد ما وصفه بـ”الاستغلال التجاري لقضية الصحراء”، داعيا إلى القطع مع “الاتجار السياسي والاقتصادي”بهذا الملف، وجعل التنمية في صلب بناء الإنسان وكرامته داخل الوطن، مشيراً إلى أن المشاريع الكبرى في الأقاليم الجنوبية يجب أن تُترجم إلى أثر مباشر في تحسين حياة المواطنين.
واعتبر بوعيدة أن الجزائر تستخدم الملف كورقة نظام سياسي، في حين يعتبره المغاربة قضية وطن وأمة، مؤكدا أن الحكم الذاتي يشكل فرصة حقيقية لإنهاء معاناة سكان المخيمات، قائلاً إن الزمن وحده سينهي هذه المأساة، لأن الجيل الجديد لم يعد يؤمن بالحرب ولا بالشعارات القديمة، بل يبحث عن حياة كريمة داخل وطن مستقر.
وختم بوعيدة مداخلته بالتأكيد على ضرورة بناء خطاب إقناعي جديد يخاطب العقول لا العواطف، قائلا إن “رفع شعار الصحراء مغربية جميل، لكن الأجمل هو امتلاك القدرة على إقناع العالم والمخالفين بعدالة هذا الموقف”.
المصدر: العمق المغربي
