تتصاعد تنبؤات الفلاحين والمهتمين بالشأن المائي بالمغرب، جراء التأخر الحاصل على مستوى التساقطات المطرية، حول “موعد الدخول الرسمي لسنة ثامنة من الجفاف” وعدمه.
وتتوقع المديرية العامة للأرصاد الجوية، بالنسبة لليوم الخميس، هطول أمطار أو زخات رعدية فوق كل من مرتفعات الأطلس الكبير ومنطقة سوس والسواحل الشمالية ومنطقة طنجة والأطلس الصغير، خلال الصباح.
كما ستهطل أمطار أخرى أو زخات رعدية محليا بكل من مرتفعات الأطلس الكبير ومنطقة سوس والسهول الوسطى، خلال الظهيرة؛ فيما سيكون الطقس غائما ومصحوبا بأمطار ضعيفة ومتفرقة واحتمال بروز رعد بالسهول الشمالية والشمال الغربي للأقاليم الصحراوية.
رياض أوحتيتا، الخبير المستشار في المجال الفلاحي، قال إن استشراف دخول سنة ثامنة من الجفاف يبدأ بتقييم “السنوات الأخيرة التي شهدت عدم انتظام تعاقب الفصول، حيث أصبح موسم الشتاء متأخرًا، وموسم الخريف طويلًا، وموسم الصيف أطول بحيث يطغى على الربيع”.
وأضاف أوحتيتا، في تصريح لهسبريس، أن موسم الشتاء كان، في السابق، يبدأ في أواخر شهر أكتوبر بشكل منتظم؛ مما يحدد ملامح الموسم الفلاحي بوضوح. أما الآن، فإن التأخر في حلول الشتاء أثر على المزارعين الذين يعتمدون على هذه المواعيد الطبيعية لتحديد بداية ونهاية الموسم الزراعي.
وأورد الخبير في المجال الفلاحي أن الوضع لم يقتصر خلال السنوات الثلاث أو الأربع الأخيرة على الجفاف؛ بل شمل تقلص المساحات المزروعة نتيجة تأثيرات جائحة كورونا المادية.
وفي هذا الصدد، لفت أوحتيتا إلى أنه أصبح من الضروري التكيف مع الوضعية المناخية من خلال اختيار الزراعات الملائمة لكل جهة، تحت إشراف وزارة الفلاحة، لضمان الاستفادة المثلى من الموارد الزراعية المتاحة.
وتابع المتحدث عينه: “تُركز السياسات الزراعية على المناطق المرجعية، مثل الغرب وشمال المملكة، حيث تتم زراعة أنواع محددة من الحبوب مثل القمح والشعير، لضمان استقرار الإنتاج الوطني. كما يتم توجيه المزارعين عبر المكتب الوطني للاستشارة الفلاحية لتحديد الزراعة المناسبة وفقًا لتساقطات الأمطار الفعلية في السنوات السابقة، مع مراعاة اختيار التوقيت المناسب للزرع أو اللجوء إلى تقنيات بديلة مثل البدل المباشر للحفاظ على رطوبة التربة”.
وختم الخبير سالف الذكر قائلا: “يمر المغرب بمراحل من الجفاف: الجفاف المائي، والجفاف الهيدرولوجي، والمخاوف حاليا هي الوصول إلى مرحلة جفاف التربة الذي يُعد الأخطر؛ لأنه يؤدي إلى فقدان خصوبة التربة وعدم قدرتها على الإنتاج”.
من جانبه، قال المصطفى العيسات، خبير في الشأن البيئي والمائي، إن شمال إفريقيا يعيش، منذ سنوات عديدة، على وقع ظاهرة جفاف متواصل، وهي حاليا يمكن القول إنها وصلت إلى السنة الثامنة، نتيجة التقلبات المناخية الحادة التي أثرت بشكل مباشر على المنطقة.
وأضاف العيسات، في تصريح لهسبريس، أن الفصول تغيرت من أربعة فصول إلى فصلين اثنين أو ثلاثة فقط، حيث أصبح الخريف غير واضح، وموسم الشتاء متأخرًا؛ مما يؤثر على الزراعات الخريفية، بما في ذلك زراعة الخضار والحبوب، ويزيد من التحديات المتعلقة بالأمن الزراعي في المغرب.
وتابع الخبير في الشأن البيئي والمائي: “لمواجهة هذه الأزمات، بدأ التفكير في حلول بديلة لتغطية النقص في الموارد المائية؛ مثل محطات تحلية مياه البحر، وطرق النقل المائي، ومعالجة المياه العادمة”.
وتابع المصرح سالف الذكر: “لوحظ أن الموارد المائية المتاحة لا تتجاوز، خلال السنوات الخمس الماضية، 35 في المائة من السعة المخططة للسدود، أغلبها في المناطق الشمالية وأجزاء من حوض تنسيفت؛ ما استدعى تسريع ربط هذه الأحواض بالشبكة المائية لتغطية الاحتياجات الحيوية للزراعة وتربية المواشي”.
وأشار العيسات إلى أن الاستراتيجية الوطنية للماء في المغرب تضم استثمارات تصل إلى 14 مليار درهم، بهدف رفع الموارد المائية بحلول عام 2027 وتوفير نحو 1.7 مليارات متر مكعب من المياه عن طريق تحلية مياه البحر، إضافة إلى تشغيل محطات متنقلة لتحلية المياه الجوفية المتدهورة بسبب التلوث بالمعادن الثقيلة أو نقص الجودة.
المصدر: هسبريس
