حرية.. سلام وعدالة…. وحب في أشعار وأشواق هاشم صديق «1 3»
طارق الأمين
اختار الملهم هاشم صديق منذ صباه الانحياز لقيم الحرية والحب والسلام والعدالة وليس سواها فكانت أشهر قصائده التي عرفه بها شعب السودان هي (قصة ثورة) ميثاقا ثوريا كتب بمداد من الحب وعشق البلاد وشعبها وتوقا لفجر جديد لا يتسلط فيه الطغيان وتنتصر فيه مدنية الإنصاف والسلام… واصفا أبطال الثورة وقوادها على النسق التالي:
كسرنا حواجز
أزلنا موانع
صفنا واحد
عامل وطالب
وزارع وصانع
وما هي المدنية وعشق السلمية والسلام إن لم تكن ذلك الغزل في صناع الثورة من المدنيين السلميين الأحرار وكأنه كان يهتف وسط الجموع وقبل خمسين عاماً من ثورة ديسمبر بأن (مدنياااااو)
أي إصرار وعشق للحرية يعادل هذا القسم:
للشمس النايرة قطعنا بحور
حلفنا نموت أو نلقى النور
وأي قسم أرفع من الإصرار في جهره صادحا:
وايد في ايد حلفنا نقاوم
وما بنتراجع وما بنساوم
خطانا تسير في درب النصر
وأي نبوءة أصدق من إيمانه القاطع بالمقاومة المدنية السلمية في مواجهة الجبروت التي تحققت في حياته لثلاث مرات في أكتوبر وابريل وديسمبر وكأنها ثورات كانت تتفجر لتحقق ما سطره في بيت الشعر أدناه:
ولسة بنقسم يا أكتوبر
لما يطل في فجرنا ظالم
نحمي شعار الثورة نقاوم
ونبقى صفوف تمتد وتهتف
لما يعود الفجر الحالم
ذلكم هو عشق ابدي للحرية والسلام لم تمحه سنوات العمر وما نقص من إيمانه به شيئا مثلما كان مؤمنا بقيمة السلام والعدالة ولنطُف على أبيات من شعره تؤكد عشقه للعدالة بلا حدود:
أذن الآذان
وحَنصليكَ يا صُبح الخلاص
حَاضِر
ونفتح دفتر الأحزان
من الأول وللآخِر
ونتساءل:
منو الربحَان؟
منو الخاسِر؟
منو الكاتل.. منو المكتول؟
منو القدّام ضمير الدنيا
يوم الواقعة كان موصُوم
وكان مسؤول؟
منو العمّق جذور العِزّة
جوّه الطين
وما هماهو يوم الهجرة
للمجهُول؟
منو الاتفشّى
ولّع نارو في المخزون
من المحصُول
وكان اتغشَّى
ما عاين عشان يتأمّل
العيش الملا القندول؟
منو العسكر مع الطُغيان
منو السلّم صغارو الغول؟
منو اللمّع نَعَل كاتِلنا
يوم كاتِلنا كان مخبول؟
منو الغنالنا ساعْة الحارة
يا اكتوبر المحمول
على الأكتاف
ويا اكتوبر المكتول…..
أما إن دلفنا لحديث بالغ الصعوبة عن الحب في أشواق الملهم وأشعاره فسنحلق بأجنحة الحيرة على نماذج كثيرة وثقت إيمان شاعرنا بالحب وقدرته على طي الصعاب وتغيير العالم… أنظر لهذا العشق والغزل الساحر في مقطع من أشعاره:
بكرة أجمل
بكرة أكمل
بكرة أسهل
بكرة أنبل.
بس نكون صاحبين سوا
ما نبيت مع الأمل القَوا
ماسكين
وهج نبض المسرة
ونتحدى بالود المجرهّ
نعشق وطن
أنفاسو حُرة
ونغني للناس
والصِحاب.
بس أوعديني
ما تخلي وعد البذرة
هملان في التراب
هِزي جِزع المطرة
في الأرض الخراب
يطلع الورد البصفق
ويشرق الفرح الرِضاب
……….
وحتى لا يمتد هذا المقال إلى طول لا يحمد عقباه فإني سأكتفي بمقطع أخير من أشعار الملهم هاشم صديق وهو يصدح ليسهب لنا عما يمكن لطاقة الحب أن تفعل في دنيانا، فالحب عند هاشم هو عشق نسيج وحده يعيد صياغة الكون بقواعد جديدة من كيمياء الطبيعة وفيزيائها يقرب الحياة ويمنحها القوة والنضار وكأنما قد أدخل العشاق جميعاً لمدرسة جديدة ساحرة يُبدع فيها الحب لتكوين عالم جديد خالٍ من الضعف والاستسلام ومتوهجاً بالأمل والصباح:
أضحكي..
يغسل النغم المآسي
تهدأ أمواج القواسي
تلمس الناس المحنة
ويرجع الحُب
لي زمنّا
وتحضن السفن
المراسي.
…..
أضحكي
تصحا الكهارب
في الشوارع
ينكسر سور الموانع
تبدأ أعراس المزارع
والمصانع
وتوصل الناس الروائع
يا روائع.
(يتبع)…
المصدر: صحيفة التغيير