أكد وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، أمام لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب، اليوم الأربعاء، أن الحكومة ماضية في نهج إصلاح تشريعي عميق يروم تحصين النموذج الديمقراطي المغربي، وتعزيز نزاهة وشفافية العمليات الانتخابية، في ظل التحديات المتصاعدة المرتبطة باستخدام الفضاء الرقمي ووسائل التواصل الحديثة.
وأوضح لفتيت أن مشروع القانون الجديد المتعلق بالانتخابات جاء استجابة لتوجيهات الملك محمد السادس، الرامية إلى توفير إطار قانوني متين يؤمّن سلامة الاقتراع ويعزز ثقة المواطنين في المؤسسات المنتخبة، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة تقتضي مقاربة حازمة في مواجهة الممارسات التي قد تمس بنزاهة العملية الانتخابية، سواء عبر الوسائط الرقمية أو من خلال سلوكيات مخالفة للقانون داخل مكاتب التصويت.
وفي هذا الإطار، كشف وزير الداخلية أن المشروع يُجرّم بشكل صريح نشر الإعلانات السياسية أو المنشورات الانتخابية المؤدى عنها على المنصات والمواقع الإلكترونية الأجنبية، وذلك حماية للمسار الديمقراطي الوطني من أي محاولات للتأثير الخارجي على إرادة الناخبين، مضيفاً أن هذا الإجراء يأتي في سياق دولي يعرف تزايد محاولات التلاعب بالانتخابات عبر الإنترنت.
وشدد لفتيت على أن النص التشريعي المقترح يقر مبدأ عدم إمكانية الحكم بالعقوبات البديلة في الجرائم الانتخابية، اعتباراً لخطورتها على مصداقية العملية الديمقراطية، مؤكداً أن المساس بنزاهة الاقتراع ليس مجرد مخالفة قانونية بل اعتداء مباشر على الثقة العامة والمؤسسات الدستورية.
كما أوضح الوزير أن المشروع الجديد يضبط مفهوم “الجرائم المماثلة” في حالة العود، من خلال تحديدها في الجرائم المنصوص عليها في القوانين التنظيمية لمجلس النواب ومجلس المستشارين، وانتخابات الجماعات الترابية والغرف المهنية، مشيراً إلى أن العقوبات السالبة للحرية والغرامات المالية تضاعف في حالة التكرار، مما يعكس إرادة المشرّع في الردع الصارم لكل من يتلاعب بإرادة الناخبين.
وفي جانب آخر، أبرز لفتيت أن المشروع يعمل على ملاءمة آجال سقوط الدعوى العمومية والمدنية المرتبطة بالجرائم الانتخابية مع القواعد العامة الجاري بها العمل، بما يضمن انسجام المنظومة القانونية ويغلق الثغرات التي قد تُستغل للإفلات من العقاب.
ومن أجل إحاطة عملية التصويت بمزيد من الضمانات التقنية والتنظيمية، نص المشروع حسب لفتيت على أن يتم التصويت داخل معزل مكشوف من الجهة المقابلة لرئيس وأعضاء مكتب التصويت وممثلي المرشحين، في خطوة تهدف إلى منع أي سلوك يمكن أن يمس بسرية الاقتراع أو يؤثر في نتائجه، مثل التقاط صور أوراق التصويت بواسطة الهواتف الذكية أو الوسائل الإلكترونية.
وفي السياق ذاته، أكد وزير الداخلية أن النص التشريعي الجديد يفتح الباب أمام وكلاء اللوائح لتعيين نواب لممثليهم داخل مكاتب التصويت، ضماناً لاستمرارية المراقبة وسلاسة سير العملية الانتخابية، مضيفاً أن هذه الخطوة تعزز الشفافية والتتبع الميداني لكافة مراحل الاقتراع.
وشدد على أن هذه الإجراءات ليست مجرد تعديلات تقنية، بل إصلاحات جوهرية تروم حماية سمعة المؤسسات المنتخبة وتكريس الثقة في الاختيار الديمقراطي المغربي، مبرزاً أن نجاح الانتخابات المقبلة لن يُقاس فقط بنسبة المشاركة، بل بمدى نزاهتها وشفافيتها، وقدرتها على تجسيد الإرادة الحرة للناخبين.
المصدر: العمق المغربي
