بعد أكثر من عقد على إطلاق البرنامج الملكي “مراكش الحاضرة المتجددة”، ما تزال نافورة ساحة القزادرية “بالملاح” القريب من ساحة “جامع الفنا” شاهدا صامتا على هذه المبادرة الطموحة التي تعثرت في منتصف الطريق.
وكان يُرتقب أن تشكل النافورة أيقونة جمالية في قلب المدينة الحمراء، إلا أنها اصطدمت بشبهات اختلالات وتجاوزات مالية أثارت أسئلة الرأي العام المحلي حول مصير الملايير التي رُصدت لتجديد وجه مراكش وجعلها “مدينة الغد”.
ولم يقتصر المشروع، الذي تفوق ميزانيته 700 مليون درهم، على تشييد النافورة فقط، بل شمل أيضا تهيئة الساحة عبر التبليط والإضاءة والتشجير، إلى جانب إنشاء غرف حديدية مخصصة للإرشاد السياحي.
غير أن تلك الغرف، التي أُقيمت منذ أزيد من 11 سنة، ما تزال مغلقة وغير مستعملة، في وقت تم فيه تنفيذ أشغال التبليط بجودة ضعيفة وبشكل عشوائي، ما أفقد المشروع جزءا من رونقه المنتظر، وجعل الساحة تبدو وكأنها ورش لم يكتمل بعد.
وفي تصريح لجريدة “العمق”، أوضح الفاعل الجمعوي زكرياء لمنيشري أن أشغال النافورة انطلقت فعلا في البداية، حيث تمت إزالة النافورة التقليدية القديمة والشروع في الحفر ووضع الأسس الأولى، قبل أن تتوقف الأشغال بشكل مفاجئ، ليتم بعد ذلك ردم الحفرة، دون أي توضيح رسمي حول الأسباب التي حالت دون استكمال المشروع.
وأضاف لمنيشري أن المشروع كان من المنتظر أن يشمل نافورة راقصة تتفاعل مع الإضاءة والموسيقى، غير أن هذا الحلم لم يتحقق، لتتحول الساحة اليوم إلى فضاء مهمل يفتقر إلى الجاذبية والتنشيط الحضري، بعدما كان يُنتظر أن تكون أحد أبرز رموز “مراكش الحاضرة المتجددة”.
وأشار لمنيشري أن هذا الوضع “يعكس غياب رؤية واضحة لدى الجهات المشرفة على المشروع”، مشيرا إلى أن الساكنة كانت تتطلع لأن تصبح النافورة معلمة جمالية ورمزية للمدينة، غير أن الواقع اليوم “يكشف خيبة أمل كبيرة”، حسب تعبيره.
وأكد عدد من الفاعلين الجمعويين أن التبريرات المقدمة بشأن توقف المشروع كانت غير واضحة ومتناقضة، مبرزين أن الساحة تقع في منطقة حيوية تعج بالمقاهي والمحلات التجارية وتستقطب الزوار، ما كان من المفترض أن يجعل منها فضاء جاذبا للسياح ومتنفسا لساكنة المدينة، قبل أن تتحول إلى رمزٍ للإهمال وطول الانتظار، مطالبين بفتح تحقيق حول مآل الأشغال والاعتمادات المالية المخصصة لهذا المشروع.
وكان مشروع “مراكش الحاضرة المتجددة”، الذي يُعتبر مشروعا ملكيا أطلقه الملك محمد السادس، سنة 2014 بهدف إعادة تأهيل المدينة الحمراء وتعزيز بنيتها التحتية، وتحويل مراكش إلى مدينة نموذجية تجمع بين الأصالة والحداثة، وتكون وجهة متميزة للسياحة والثقافة.
ورغم مرور سنوات على إطلاقه، لا تزال العديد من أوراشه غير مكتملة، مما يجعل متابعة تنفيذه موضوع اهتمام كبير لدى المهتمين بالشأن المحلي والسياحي على حد سواء.
المصدر: العمق المغربي
