بغداد/ شبكة أخبار العراق في إطار سلسلة “أغنى 20 عراقياً لعام 2025”، التي تنشرها شبكة إنفوبلس، يبرز اسم نمير كريم عبد الحسن العقابي في المرتبة الثانية عشرة كأحد أبرز رجال الأعمال العراقيين وأكثرهم إثارة للجدل.العقابي هو المالك والرئيس التنفيذي لمجموعة “ألمكو” و”شركة أمواج الدولية”، إضافة إلى إدارته لـشركة دور شستر العقارية التي أسسها في وقت سابق. تلقى تعليمه في جامعة لندن كلية الملكة ماري حيث حصل على بكالوريوس في الهندسة، ويحمل الجنسية الأردنية بصفته مستثمراً، ويدير سلسلة من الأنشطة الاستثمارية والتجارية والعقارية داخل العراق وخارجه.يُعرف العقابي في الأوساط الاقتصادية والسياسية بلقب “الرجل الخفي” أو “سبايدرمان المنطقة الخضراء”، لما يتمتع به من شبكة علاقات متشعبة تمتد من بغداد إلى العواصم الإقليمية، وتتيح له الوصول إلى مشاريع ضخمة داخل المنطقة الأكثر تحصيناً في العراق.
ثروة واستثمارات متشعبة
يمتلك العقابي استثمارات واسعة في مجالات البناء والعقار والتمويل، ويُعد من أبرز المستثمرين في مشروع بوابة العراق المقابل لمنتزه الزوراء، فضلاً عن مشاريع أخرى مثل بوابة بغداد السكني في مطار المثنى.ورغم تاريخه الطويل في قطاع الاستثمار، فإن اسمه غالباً ما يُذكر مقترناً بملفات غامضة تتعلق بالعقود الحكومية وامتيازات خاصة حصل عليها داخل المنطقة الخضراء.
اتهامات بالفساد وغسيل الأموال
مصادر سياسية وصحفية أكدت أن العقابي يُعد من أكبر حيتان الفساد في العراق، مشيرة إلى أنه حصل على امتيازات تشمل سيارات بلا كمرك وأسلحة غير مرخصة.وفي مقابلة تلفزيونية سابقة، تحدث رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي عن رجل أعمال يُعتقد أنه العقابي قائلاً:
“يمتلك ستة عقارات في المنطقة الخضراء ويدين للحكومة بستة مليارات دينار، ويدير شركة حماية غير مجازة، ولديه أكثر من مئة سيارة دخلت بطرق غير قانونية ومئات قطع السلاح بكواتم صوت.”تلك التصريحات فتحت الباب أمام موجة جديدة من الأسئلة حول طبيعة نفوذ العقابي داخل العاصمة بغداد، ومدى عمق علاقاته بالدوائر السياسية والاقتصادية النافذة.
نفوذ سياسي وإعلامي
بحسب مصادر مطلعة، يُتهم العقابي بتمويل حملات إعلامية هدفها مهاجمة القضاء العراقي والدفاع عن رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي.كما أُشير إلى دوره في تنظيم المهرجان الوطني لاستقلال العراق الذي أُقيم في ساحة الاحتفالات وسط بغداد بمشاركة المطربة شذى حسون، في خطوة رآها البعض استعراضاً للقوة والنفوذ داخل العاصمة.
أزمة في الأردن وادعاءات بالاحتيال
في عام 2019، تداولت وسائل إعلام أردنية خبراً يفيد بتعرض العقابي لعملية احتيال من قبل موظفين سابقين قاموا بتزوير وكالاته وبيع بعض استثماراته دون علمه.العقابي أدلى بإفادته أمام محكمة جنايات عمان على جلستين، مشيراً إلى أن أمواله واستثماراته في الداخل والخارج كانت تُقدر بحوالي ملياري دولار، قبل أن يخسر جزءاً كبيراً منها.كما ذكرت المصادر أن السلطات الأردنية أوقفته في مطار الملكة علياء هو وزوجته بسبب دعاوى قضائية وملفات مالية لم تُحسم حينها.
رجل أعمال أم شبكة نفوذ؟
بين صورته كرجل أعمال ناجح، وملفات الفساد والاتهامات التي تلاحقه، يبقى نمير العقابي شخصية تجمع بين الدهاء المالي والجدل السياسي.فهو نموذج لرجل الأعمال الذي يتحرك بخطى محسوبة داخل عالم معقد من المال والسياسة والأمن، ليُجسد فعلاً لقب “سبايدرمان المنطقة الخضراء” الذي التصق باسمه منذ سنوات.
الفقرة التحليلية قراءة في المشهد الاقتصادي والسياسي
تثير ظاهرة رجال الأعمال من طراز نمير العقابي أسئلة عميقة حول البيئة الاقتصادية العراقية التي ما زالت تعاني من اختلاط المال بالسياسة. فوجود شخصيات تمتلك ثروات هائلة ونفوذاً سياسياً موازياً لسلطة الدولة يعكس ضعف منظومة الرقابة والشفافية، ويفتح الباب أمام اقتصاد الظل الذي يُدار خلف الأبواب المغلقة.ويرى خبراء أن استمرار هذا النمط من النفوذ الاقتصادي غير الخاضع للمساءلة، يعيق بناء دولة مؤسسات حقيقية، ويجعل الاستثمار في العراق رهينة المصالح والنفوذ بدلاً من القوانين والأنظمة.ومع تصاعد الحديث عن إعادة الإعمار وجذب الاستثمارات، تبقى الحاجة ملحّة إلى إصلاح جذري في منظومة الاستثمار والرقابة المالية، لمنع تكرار نموذج “سبايدرمان المنطقة الخضراء”، الذي جمع بين الثروة والسلطة في آنٍ واحد.
تعليق خبير اقتصادي
يقول الدكتور علاء العزاوي، الخبير الاقتصادي والأستاذ في كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة بغداد:“قضية نمير العقابي ليست مجرد ملف فساد، بل هي انعكاس لغياب الفصل بين رأس المال والقرار السياسي. ما لم تُفعل الرقابة المالية والقضائية بشكل حقيقي، فإننا سنظل نرى رجال أعمال يتحولون إلى مراكز قوة موازية للدولة، وهو ما يُهدد مستقبل التنمية الاقتصادية في العراق.”