أمد/ بعد الحرب الأخيرة يعيش سكان قطاع غزة في حالة من القلق الدائم والخوف من المجهول. فالحرب لم تترك وراءها فقط ركام البيوت والطرقات، بل تركت جرحًا عميقًا في نفوس الناس الذين يحاولون اليوم النجاة بما تبقى من حياتهم وسط دمارٍ شامل وانعدامٍ لمقومات العيش الكريم.

غزة اليوم، كما يصفها سكانها، مدينة أنهكتها الحروب وحاصرها الجوع، وأرهقها الخوف من المستقبل.

بعد انتهاء الحرب، لم تنتهِ المعاناة. فالهدوء الهشّ الذي يعمّ المكان لا يحمل طمأنينة، بل يخفي خلفه خوفًا متجذرًا من عودة العنف، ومن مستقبلٍ غامضٍ لا يبدو أنه يحمل وعودًا حقيقية بالاستقرار.

الأطفال الذين عاشوا تحت القصف، ما زالوا يستيقظون على أصوات خيال الطائرات في ذاكرتهم، والشباب الذين فقدوا منازلهم وأعمالهم يعيشون بلا أمل ولا أمان. حتى كبار السنّ، الذين اعتادوا الصبر، باتوا يتساءلون إن كانت الحياة ستعود يومًا إلى طبيعتها.

ما بعد الحرب، تفاقمت الأزمة الإنسانية في غزة بشكل غير مسبوق. المياه الصالحة للشرب شبه معدومة، والمساعدات لا تكفي إلا لأيام قليلة، بينما آلاف العائلات تفترش الأرض وتنام تحت خيام لا تقي من برد الشتاء القادم.

القطاع الصحي يعاني من نقصٍ حاد في الأدوية والمستلزمات، والقطاع التعليمي شبه متوقف، والبطالة بلغت مستويات غير مسبوقة. كل ذلك يجعل من الحياة اليومية معركة من أجل البقاء، في ظل غياب الأمن والاستقرار.

إن الاستقرار الحقيقي في غزة لن يتحقق بالمساعدات المؤقتة، بل ببناء أمنٍ مستدامٍ ووحدةٍ سياسية تجمع الفلسطينيين تحت حكومة واحدة تُدير شؤونهم في غزة والضفة الغربية معًا.

فالانقسام السياسي المستمر بعد الحرب يزيد من معاناة الناس، ويبدد الجهود نحو إعادة الإعمار والتنمية. وحدة القرار السياسي هي المفتاح لإعادة الثقة، وتحقيق الأمن، وبناء مستقبلٍ أكثر استقرارًا وعدالةً للأجيال القادمة.

غزة بعد الحرب ليست كما كانت قبلها؛ إنها تعيش بين ركام البيوت وركام الأحلام. الخوف من المستقبل أصبح واقعًا يوميًا، لكن الأمل لا يزال حيًا في قلوب أهلها الذين يؤمنون بأن الوحدة والأمن هما الطريق الوحيدان نحو حياةٍ كريمة ومستقبلٍ آمن.

فلا استقرار دون أمن، ولا أمن دون وحدة، ولا وحدة دون إرادة تجمع الفلسطينيين على هدفٍ واحد:العيش بكرامة في وطنٍ آمن ومستقر.

شاركها.