أمد/ نابلس حياة حمدان: تشهد محافظة نابلس واحدة من أصعب مراحلها الاقتصادية منذ سنوات، إذ تتقاطع فيها الأزمات الأمنية والسياسية والمالية لتنتج واقعاً معقداً من الركود والانكماش وغياب الحركة التجارية التي طالما ميزت المدينة، التي كانت توصف تاريخياً بأنها “عاصمة الاقتصاد الفلسطيني”.

ركود غير مسبوق

يقول الناطق باسم غرفة التجارة والصناعة في نابلس ياسين دويكات إن: “الوضع الاقتصادي في الوطن بأكمله يمر بحالة ركود وانكماش لم يسبق لها مثيل، إذ تجاوز الانكماش 24%، وارتفعت نسبة البطالة إلى أكثر من 35%”.

لكن دويكات يوضح أن ما تمر به نابلس يختلف عن باقي المحافظات، مشيراً إلى أن المدينة “تعاني أكثر من غيرها بسبب الحواجز التي تطوقها من جميع الاتجاهات وتمنع دخول أو خروج المواطنين والبضائع والمواد الخام”.

ويضيف أن الحصار المفروض على نابلس حرمها من أهم مصادر الدخل، وهو الزوار القادمين من خارج المحافظة، موضحاً أن “عدد الزوار كان يصل قبل الحرب إلى نحو 120 ألف زائر، أما اليوم فلا يتجاوز 20 ألفاً” هذا الانخفاض الحاد انعكس بشكل مباشر على الأسواق، التي تمر بحسب دويكات بـ “ركود كبير بسبب ضعف السيولة النقدية وغياب القدرة الشرائية لدى المواطنين”.

ويرى دويكات أن السبب الرئيس وراء جفاف السيولة هو: “عدم قدرة السلطة الفلسطينية على دفع رواتب كاملة لموظفي القطاع العام، نتيجة احتجاز سلطات الاحتلال لأموال المقاصة التي تجاوزت 13 مليار شيكل”، مشيراً إلى أن “هذه الأموال لو أفرج عنها لكانت كفيلة بتحريك العجلة الاقتصادية وإنعاش السوق المحلي”.

وطالب دويكات المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال بضرورة فتح مداخل نابلس بشكل كامل، والسماح بحرية حركة البضائع والمواطنين، إضافة إلى الإفراج عن أموال المقاصة لتعزيز السيولة النقدية في الأسواق، كذلك دعا إلى تعزيز السياحة الداخلية لنابلس خصوصها من أهلنا داخل الخط الأخضر.

تجار يصفون الواقع ب ” الحضيض”

من جانبه، عبّر التاجر النابلسي مأمون عبد الحميد عن يأسه من الوضع الراهن، قائلاً إن المدينة: “مطوقة بطوق أمني خانق”، مضيفاً أن “البنوك لعبت دوراً سلبياً منذ عهد سلام فياض عبر سياسات مالية ساهمت في تدمير الاقتصاد بطريقة منهجية، لذلك وضع نابلس اليوم بالحضيض”.

ويؤكد عبد الحميد أن الاقتصاد مدمر في مدينة نابلس وذلك لعدة أسباب منها: ” الناس لم تعد تملك القدرة على الشراء، فالمستهلك يبحث عن الأرخص، والتجار الذين استوردوا بضائعهم من الخارج عاجزون عن سداد ثمنها بسبب انعدام الدخل وشح السيولة”.

كما يشير إلى أن العوامل المناخية ساهمت بدورها في تراجع المبيعات، موضحاً أن “غياب موسم الشتاء حتى الآن أثّر على مبيعات الملابس، وهو قطاع يعتمد بشكل مباشر على تغير الفصول”.

وفي الجانب الاستثماري، يلفت عبد الحميد إلى أن الأحداث السياسية في غزة خلقت حالة من الخوف لدى المستثمرين، ما أدى إلى تراجع أسعار العقارات في نابلس وتصدير جزء من الأموال للاستثمار بالخارج، خصوصاً إلى الأردن. ويصف هذه الظاهرة بأنها “نتيجة لحرب نفسية تهدف إلى التهجير”.

شاركها.