أمد/ عواصم: يستعد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لزيارة رسمية إلى العاصمة الأمريكية واشنطن في 18 نوفمبر الجاري، للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أول زيارة له إلى الولايات المتحدة خلال الولاية الثانية لترامب. وتأتي الزيارة في وقت تمر فيه المنطقة بتحولات عميقة بعد تراجع النفوذ الإيراني، وتصاعد المنافسة الإقليمية بين السعودية وتركيا ومصر، وتزايد الضغوط الأمريكية لإشراك الرياض في خطة ترامب للسلام في غزة.

اتفاق دفاعي محتمل

وفقًا لتقارير سياسية وإعلامية متطابقة، يأمل ولي العهد في أن تُتوج زيارته بتوقيع اتفاق دفاعي شامل مع الولايات المتحدة، شبيه بالاتفاق الأمريكي القطري، يتضمن التزامًا أمريكيًا بالدفاع عن المملكة في حال تعرضها لأي اعتداء خارجي. ويُعد هذا الاتفاق إن تحقق الأول من نوعه بين البلدين منذ عقود، وقد يمنح السعودية مظلة أمنية أمريكية رسمية مقابل تعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري.

كما يسعى الأمير محمد بن سلمان إلى الحصول على صفقة لشراء ما يصل إلى 48 طائرة مقاتلة من طراز F35، إضافة إلى اتفاقيات موسعة في مجالات تبادل المعلومات الاستخبارية والتكنولوجيا النووية المدنية، وهي ملفات مؤجلة منذ سنوات بسبب تحفظات أمريكية تتعلق بمخاطر الانتشار النووي.

التهديد الإيراني والحوثي

رغم أن تراجع إيران بعد حرب غزة الأخيرة خفف من حدة التهديدات الأمنية ضد المملكة، إلا أن خطر الميليشيات المدعومة من طهران، خصوصًا الحوثيين في اليمن، ما زال قائمًا. وفي هذا السياق، صرّح القيادي الحوثي حزام الأسد في الأول من نوفمبر مهددًا السعودية والإمارات، ومتهمًا الرياض بانتهاك اتفاقات وقف إطلاق النار.

ويعتبر مراقبون أن أي تصعيد جديد مع الحوثيين قد يعرقل تنفيذ “رؤية 2030” الاقتصادية التي تعتمد على جذب الاستثمارات والاستقرار الداخلي.

خطة ترامب للسلام في غزة

تُعد مشاركة السعودية في خطة ترامب للسلام في غزة محورًا أساسيًا في جدول أعمال الزيارة. وتعوّل واشنطن على المكانة الدينية والسياسية للمملكة لتمرير بنود الخطة، التي تتضمن تهميش دور حركة حماس في إدارة القطاع بعد الحرب، وإصلاح السلطة الفلسطينية بما يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967.

غير أن السعودية، بحسب وثيقة حكومية مسرّبة نقلها موقع ميدل إيست آي، تؤكد أن “أي عملية سلام يجب أن تراعي تطلعات الشعب الفلسطيني، وتضمن سيادته على أراضيه وعاصمته القدس”. وترفض الرياض المشاركة في إعادة إعمار غزة أو تمويلها قبل ضمان خلو القطاع من نفوذ حماس واستقرار الأوضاع الأمنية.

اجتماع إسطنبول وتباين المواقف العربية

في المقابل، شهدت إسطنبول قبل أيام اجتماعًا ضم وزراء خارجية السعودية وتركيا وقطر والإمارات والأردن وباكستان وإندونيسيا، أبدوا خلاله تحفظهم على بعض بنود خطة ترامب، خاصة إنشاء “مجلس سلام دولي” لإدارة غزة. وأكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن “مستقبل غزة يجب أن يكون بقيادة فلسطينية خالصة، بعيدًا عن أي هيمنة خارجية.”

النفط وعلاقة الرياض بموسكو

يبقى ملف الطاقة أحد أكثر القضايا حساسية في العلاقات السعودية الأمريكية. ففي حين يضغط ترامب لزيادة إنتاج النفط وخفض الأسعار عالميًا، تميل الرياض إلى الحفاظ على تنسيقها داخل تحالف “أوبك+” مع روسيا، التي نجحت مؤخرًا في إقناع المملكة بتجميد زيادات الإنتاج اعتبارًا من مطلع 2026. ويرى مراقبون أن هذا الملف قد يكون مصدر توتر في اللقاء المقبل، لكنه لن يطغى على الملفات الأمنية والسياسية الأهم.

خلاصة المشهد

تمثل زيارة ولي العهد السعودي إلى واشنطن محطة مفصلية في مسار العلاقات السعودية الأمريكية. فهي من جهة تفتح الباب أمام تحالف دفاعي غير مسبوق، ومن جهة أخرى تعكس رغبة الرياض في تعزيز نفوذها كقوة إقليمية تقود ترتيبات ما بعد حرب غزة، وتحدد مستقبل الأمن الخليجي في ظل عالم يتجه نحو تعدد الأقطاب.

شاركها.